هل يمكننى القول إن اتهام المجموعة التى اكتسحت انتخابات نادى القضاة، وعلى رأسها أحمد الزند، بأنهم موالون للحكومة، كان ظالماً؟
أظن ذلك، فهم يخوضون الآن حرباً نبيلة ضد مشروع ممدوح مرعى وزير العدل الذى يريد أن يكون له رجاله فى عضوية المجلس الأعلى للقضاء، فقد حصل على موافقة المجلس على ضم رئيسى محكمتى شمال وجنوب القاهرة على العضوية، مستغلاً أن هذا اجتماع قبل إحالة غالبية أعضائه للمعاش، والمعروف أنه هو الذى يعين رؤساء المحاكم.
هذا لا يعنى أننى أوافق بالكامل على منهج هذه المجموعة التى اكتسحت انتخابات نوادى القضاة، فأنا اختلف مع تركيزهم على تقديم خدمات للقضاة، ويغيب عنهم الهدف الأصلى وهو حقهم فى أجر عادل يوفر لهم حياة كريمة بعيداً عن تخفيضات هنا وهناك، ولا تهتم هذه المجموعة بشكل كافٍ بالنضال من أجل ميزانية مستقلة للقضاء بعيداً عن السلطة التنفيذية وممثلها وزير العدل.
كما أننى اختلف أكثر مع المجموعة التى سمت نفسها "تيار الاستقلال"، فقد سيست معارك القضاة وناصرت على سبيل المثال حزب الله، وأيدت قوى سياسية معارضة، وهذا ليس دورها، وهو ما أدى إلى خسارتها الفادحة فى الانتخابات.
يبدو أن المجموعة الجديدة استفادت من الدرس، فها هى تخوض حرباً ضد وزير العدل لحماية استقلال المجلس الأعلى للقضاء عن السلطة التنفيذية، وهى معركة فى صميم استقلال القضاء، فالأعراف المستقرة هى أن عضوية هذا المجلس بالأقدمية المطلقة، وهذا يضمن عدم سيطرة أى جهة عليه، ويضمن عدم سيطرة تيار واحد حتى من بين القضاة.
وفى كل الأحوال، فهذه المعركة تعنى إمكانية وجود أرضية مشتركة بين كل القضاة فى قضايا هى من صميم عملهم المهنى وليست خارجه. ولكن المدهش هو وزير العدل، فقد صور للرأى العام أن معركته كانت مع تيار يريد "جرجرة القضاة والقضاء للسياسة". وتؤكد خطواته الأخيرة أن هدفه الأساسى هو مزيد من انتهاك سلطة القضاء لحساب السلطة الحاكمة، وهو ما يجب أن يرفضه حتى مناصرى السلطة الحاكمة وقيادات الحزب الحاكم، فاستقلال القضاء حصن يحمى المؤيد والمعارض، يحمى أسس الدولة المصرية من الانهيار، ولا يجب أن نتركها لعبث وزير أو غفير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة