سعيد شعيب

فشل يسارى

الأربعاء، 08 يوليو 2009 07:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شاركت فى تأسيس عدة صحف ذات طابع يسارى، والسمة المشتركة بينها، هى أن مُلاكها والقائمين عليها، يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن الجماهير تنتظر بلهفة صحيفتهم "على ناصية الشارع"، وتمر الأيام ويكتشفون أنه لا يوجد جماهير "على الناصية" أو فى أى مكان آخر تنتظرهم أو تنتظر غيرهم، ورغم ذلك لا ينتقدون أنفسهم، ليعرفوا مكمن الخلل وكيفية الإصلاح، ولكنهم يرجعون الفشل لأسباب خارجهم، من نوع محاربة السلطة لهم والتضييق الإعلانى.

وهذا تقريباً ما فعله ملاك جريدة البديل، ومنهم الأستاذ فريد زهران، الذى شرح فى برنامج "بلدنا" أسباب الإغلاق، منها تأثير الأزمة العالمية على كبار المساهمين، وضيق سوق الإعلانات، والموقف الأيديولوجى اليسارى، الذى دفعت ثمنه المؤسسة.

وكل هذا صحيح، ولكنها أسباب خارجية، ونسى أسباب الداخل، وهو أن الموقف الأيديولوجى الزاعق وحده لا يمكن أن يبيع صحيفة، والمعارضة وحدها ليست كافية، وهذا ينطبق على الأحزاب أيضاً، قد ينجح لبعض الوقت، وهذا ما حدث مع بعض الصحف، ولكنه من المستحيل أن يستمر، لأنه فى النهاية متكرر، بمعنى أننى لا أحتاج كقارئ لأن تقول لى كل يوم ذات الرسالة وذات الكلام، فالصحيفة فى النهاية سلعة وظيفتها أو مهمتها الأساسية هى تقديم الأخبار للقارئ، الزبون، وبقدر نجاحها فى تقديم خدمة مهنية لا تجور على القواعد الأساسية "لشغلانة الصحافة"، بقدر تحقيقها للجماهيرية، وهذا لا يعنى غياب الرسالة، فهى متضمنة فى طريقة التبويب واختيار وترتيب الأخبار وأولويات النشر، بالإضافة إلى مقالات الرأى.

والحقيقة أن البديل تخلت تدريجياً عن الطابع الهتافى المعارض، واقتربت بفضل أصدقائنا خالد البلشى وياسر الزيات من الطابع المهنى الرفيع، والذى يحمل رسالة، وهذا كان ضمانة لنجاح سيكبر مع الأيام لو ساندته مؤسسة وليس فرداً هنا أو هناك من المساهمين.

وهذا بالضبط هو السبب الرئيسى لنجاح مؤسسة المصرى اليوم حتى الآن، فمؤسسها الناشر الكبير هشام قاسم لم يكن منشغلاً بتحقيق نجاح مرتبط بشخصه، أو بشخص رئيس التحرير، أو بأى شخص، ولكنه انشغل ببناء علاقات عمل واضحة وعلاقات تحرير واضحة ورسالة المؤسسة أيضاً واضحة، وهذا البناء المؤسسى المحترم هو الأساس الصلب لأى نجاح، وهو الضامن لنمو لا نهائى، وهو الحاضن للمواهب والكفاءات والحامى لها.

أى أنه فى النهاية لا يجعل النجاح مجرد مصادفة فردية، ولكن يجعله طريقه فى الحياة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة