لا أريد أن أكون محبطا للذين يبذلون جهدا كبيرا فى الانتخابات القاعدية للحزب الوطنى، فبعضهم صادقون، ولكن الحقيقة أن هذا لن يحل المعضلة الأساسية، وهى أنه حزب ولد فى السلطة، ولم يحدث قط أن كان خارجها، إنه حزب السلطة، ومن ثم فليس هناك اختبار حقيقى لأعضائه، إذا كان انضمامهم إليه بغرض المصلحة، أم إيمانا بسياساته.
ناهيك عن أن حزب السلطة الحاكمة فى مصر لم يتعرض لأية اختبارات سياسية حقيقية، فكان وحده فى الساحة طوال الوقت، فبعد إلغاء الحياة الحزبية بعد عام 1952، ثم تأسس بقرار من أعلى حزب واحد هو الاتحاد القومى الذى أصبح فيما بعد الاتحاد الاشتراكى، وتحول بعد رحيل عبد الناصر إلى حزب مصر، وعندما أسس السادات الحزب الوطنى هرول إليه من كانوا فيه.. اختصارا هو حزب واحد وإن تغيرت الأشكال والأشخاص، فهو حزب السلطة الحاكمة، والطبيعى والمنطقى أن ينضم إليه المستفيدون من هذه السلطة.
هذا الاحتكار السياسى للبلد لا يغيره وجود حوالى 20 حزبا الآن، فعقلية الحزب الواحد ما زالت هى المسيطرة، عقلية احتكار الثروة والسلطة، العقلية التى تصادر حق تأسيس الأحزاب، وهى ذات العقلية التى دمرت أحزابا من داخلها، وأغلقت أحزابا موجودة مثل حزب العمل بالمخالفة لأحكام القضاء.
ومن ثم فالحزب الوطنى يلعب وحيدا فى الساحة، ودعك من اتهام بعض قيادات الوطنى لأحزاب المعارضة بأنها غير فاعلة، أو تحدى أحمد عز بالنزول للشارع، فهذا كلام سخيف، لأنهم يعرفون جيدا أنهم هم الذين أعدموا السياسة فى البلد.
هذا لا ينفى تقديرى للتطور الداخلى فى الحزب الحاكم، فهذه هى المرة الأولى كما قال صفوت الشريف أمين عام الحزب التى تجرى فيها انتخابات داخلية حقيقية. بالإضافة إلى أن محاولات دؤوبة لأن يكون للحزب حكومة، وليس العكس أى حزب الحكومة، ولذلك كان ملفتا فى المؤتمرات الإعلامية التى تم عقدها فى الأسابيع الأخيرة، التأكيد على أن دور الأعضاء ليس الدفاع عن الحكومة ومسئوليها التنفيذيين "عمال على بطال"، ولكن الدفاع عن سياسات الحزب، ومدح أو انتقاد الحكومة مرتبط بمدى تنفيذها لهذه السياسات.
كل هذه تطورات إيجابية، ولكن كما قلت فى البداية، ليست هذه هى المعضلة، فلن يصبح الحزب الوطنى حزبا إلا إذا سمح لغيره بالتواجد.. وسمح عن طيب خاطر بتداول حر وديمقراطى للسلطة.
فهل يفعلون؟
لا أظن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة