لو أن حبيب العادلى هو الذى يهدد عمال النقل العام، فلن يقول أكثر مما قاله حسين مجاور، رغم أن الأول وزير داخلية شغلته حماية الأمن، والثانى رئيس اتحاد عمال مصر وشغلته الدفاع عن حقوق العمال.. فماذا قال مجاور؟
صرح بأن العمل فى المرافق يمثل أمناً قومياً للبلاد لا يمكن تجاوزه أو التخلى عنه، وأن الإضراب أو الامتناع عن العمل فى هذه المرافق ممنوع بقوة القانون.
طبعا كان السيد مجاور فى وسط رجاله، أعضاء اللجان النقابية بهيئة النقل العام، الذين وقفوا ضد زملائهم، ولو كان فى وسط العمال الحقيقيين ما جرؤ على هذا الكلام، ولكنه فى وسط رجاله يقول على راحته ما يشاء حتى لو كان تدليساً، فليس صحيحاً أن القانون يجرم الإضراب، فالاحتجاجات السلمية حق من حقوق الإنسان كفلتها المواثيق الدولية التى وقعت عليها الدولة المصرية، ومن ثم فقد أصبحت جزءاً من القانون المصرى تطبقه المحاكم.
وإذا كان مجاور ورجاله "صعبان عليهم" ما يسمونه بالأمن القومى، فعليهم أن يناضلوا من أجل المطالب الحقيقية لعمال مصر من شمالها إلى جنوبها، حتى تنفذها الحكومة ورجال الأعمال، فالحفاظ على حد أدنى من حياة كريمة هو الأمن القومى الحقيقى.
لكن مجاور ورجاله لن يفعلوا ذلك، وكل ما سيحاولون فعله هو اختلاق دور، "يعملوا منظر قدام الحكومة".. فربما تستمع لمواعظهم البالية، وربما تصدق أنهم مازالوا مسيطرين، وبالمرة يركبون على اللجنة التى شكلها رئيس الوزراء لدراسة وتنفيذ مطالب العاملين بهيئة النقل العام.
وأظن أن السلطة الحاكمة فى طريقها للتخلى عن هؤلاء، فالأمن لا يتعرض لمثل هذه الاحتجاجات طالما أنها سلمية، ووزيرة القوى العاملة عائشة عبد الهادى لها تصريحات سابقة مؤيدة للنقابة المستقلة التى شكلها موظفو الضرائب العقارية، ناهيك عن ضغوط منظمة العمل الدولية حتى يتم إقرار حق التعدد النقابى، الذى تحميه المواثيق الدولية.
ولو كانت هذه السلطة الحاكمة عاقلة لأدركت أن التنظيمات النقابية التى تسيطر عليها انتهى دورها فعليا، وأن من مصلحتها وجود تعدد نقابى وتنظيمات حرة، حتى تستطيع التفاوض مع معبرين حقيقيين عن العمال، بدلا من أن تفاجأ كل يوم باعتصام وإضراب جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة