كان العنوان الذى اخترته "نحن مع حرية الإلحاد"، ولكن الأستاذ محمد حماد نظر إليه بتمعن، ثم قرأ المتن، وقال لى العنوان الأفضل هو "لسنا ضد حرية الإلحاد".. كان العنوان لحوار مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان فك الله سجنه، وكانت وجهة نظر الأستاذ أن الفارق كبير، فالعنوان الأول يعنى أن الجماعة تشجع على الإلحاد، فى حين أن الثانى يعنى أنهم لا يشجعوه بالطبع ولكنهم لن يمنعوه.
كانت هذه الملاحظة الصائبة تعنى أهمية التدقيق الشديد فى العمل، ناهيك عن الأمانة المهنية والإنسانية، والحقيقة إنه كان الدرس الأهم الذى تعلمته منه على امتداد أكثر من 15 عاما تشرفت بزمالته فى جريدة العربى التى يصدرها الحزب الناصرى.
التحقت بالجريدة الوليدة ولم أكن ناصريا، ولم أكن قادما من أى فصيل ناصرى، وتقريبا لا تربطنى علاقات مهنية أو سياسية بقيادات ناصرية كبيرة.. وهذا لا يعنى أننى كنت معاديا، فمثل كثير من المصريين، كنت وما زلت محبا لعبد الناصر، فهو الفارس النبيل المدافع عن العدل، الاستقلال، والفقراء وغيرها.. ولكن وسائل التحقيق طبيعى أن يكون عليها خلاف.
ورغم أننى لست من فصيل أحد ولا من شلة أحد، فلم يطلب منى أحد أن أكون ناصريا حتى أعمل فى جريدة ناصرية، فالصيغة التى صممت عليها قيادات الجريدة الوليدة ورئيس التحرير محمود المراغى رحمه الله، وهى أن العربى جريدة للوطنية المصرية، والأساس هو الشطارة المهنية، يليه الانتماء الأيديولوجى، وهذه كانت علامة فارقة فى الصحف الحزبية، جعلها حقيقة ساطعة الأساتذة عبد الله السناوى وجمال فهمى ومحمد حماد وعبد الحليم قنديل، ومنحت شبابا صغيرا فرصة عظيمة.
كان الأستاذ حماد وقتها سكرتيرا للتحرير، حازما وصارما ولكنه كان فى ذات الوقت صاحب قلب طيب وميل فطرى للعدل، ناهيك عن الأهم وهو أنه فتح لى قلبه، صحيح أنه كان ينتقدنى بشدة، وكان يرى أننى "فلتان" أكثر من اللازم، ولكنه لم يقمع أبدا هذا "الفلتان"، بل كان يراه ميزة لابد من تطويرها، وكنت محظوظا بأننى كنت من الذين احتضنهم الأستاذ، وفتح لى قلبه وبيته.
أستاذ حماد وحشتنى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة