أرجو أن يسمح لى صديقى العزيز الدكتور عمرو الشوبكى أن أطرح عليه سؤالاً، بمناسبة ما كتبه فى «المصرى اليوم» بعنوان «شبح التوريث» بتاريخ 27/8/2009: ما الفرق إذا تولى جمال مبارك أو غيره من الحزب الوطنى سلطة الحكم فى بلدنا؟
أعتقد أنه تقريباً لا فرق، فتقريباً سوف يتم تنفيذ ذات السياسات، بذات الأدوات، ومن ثم فالمعرفة الأولى ليست فى فلان أو علان، ولكن فى تقديرى هى إجبار هذه السلطة على توسيع مساحات الديمقراطية، وإجبارها على انتخابات حرة ونزيهة، ناهيك عن إلغاء الشروط المتعسفة التى تم وضعها فى التعديل الدستورى الأخير والتى تجعل من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً منافسة الحزب الحاكم.
لكن دعنى اعترف أننى أحد الذين خطفتهم خدعة التوريث، وشاركت فى الهجوم العنيف عليها، عندما كنت فى جريدة العربى، فقد كان معركتها الكبرى، وهو ما جعل الأمر يبدو كأن عدم وصول جمال للسلطة سيحقق كل أحلامنا فى وطن حر وعادل، وبالطبع هذا غير صحيح بالمرة.
ثم أنك تعرف أن الحكم فى مصر يتم توريثه فعلياً منذ عام 1952، فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورّث الحكم للرئيس السادات من بعده، والرئيس السادات، رحمه الله هو الذى ورّث الحكم لمبارك، ناهيك عن أنه أصبح حالة عامة فى البلد، فى القضاء والشرطة وكل المجالات.
أى أننا نعانى من التوريث، سواء كان يتم فى داخل المجموعة الحاكمة، أو داخل العائلة، والحقيقة أنه لا فرق، لأن الأصل هو أن آلة الحكم مستبدة طوال هذه العقود لا تسمح بخيارات أخرى.. وهذا بالضبط، هو المعركة الأساسية.. أى أننا نخوض حرباً مع طبيعة سلطة وليس مع فرد هنا أو هناك من داخلها.
هذا لا يعنى قبول التوريث، فهو إهانة لبلدنا، ولكنه يعنى أنه ليست المعركة الأولى التى نحتشد جميعاً وراءها، وربما لذلك لم أندهش، مثل صديقى الشوبكى، من أن رفض التوريث يقتصر فقط على سلالم نقابة الصحفيين وفى الفضائيات والإنترنت، ربما لأن القطاع الأكبر من المصريين أكثر ذكاء منا فى تحديد أولوياته، ولذلك يناضل كل يوم لتفكيك دولة الاستبداد والظلم، عبر الاحتجاجات السلمية، وبناء دولة الحرية والعدل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة