من المؤكد أن المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر محق تماماً فى تصريحاته الأخيرة، فقد رفض فيها رفضاً قاطعاً إشراف وزارة التضامن على النادى، واصفا ذلك بأنه من المحرمات، واعتبر أنه إذا حدث ذلك حسبما نشرت المصرى اليوم "تبقى القيامة قامت".. والرجل محق تماما، وأظن أن علينا مساندته. فهذه معركة استقلال حقيقية، فإذا حدث وهيمنت السلطة التنفيذية (أى الحكومة) على السلطة القضائية، فإنها كارثة بكل المقاييس، وعلى حد تعبير الزند، فهى تضرب استقلال القضاء فى مقتل.
هذا أول سبب، الثانى أن قانون الجمعيات سواءً المعمول به حاليا، أو الذى تعده الحكومة، فى غاية السوء، فهو يتحكم تحكماً مطلقاً فى حق تأسيس الجمعيات، والمفترض والطبيعى أنه حق من حقوق الإنسان، وحق كفله الدستور المصرى.. ناهيك عن التدخل فى كل صغيرة وكبيرة، وحق الوزير فى عزل مجلس الإدارة والتدخل من قبل موظفين فى تفاصيل التفاصيل، من نوع عدد "الكوبايات والمفارش" .. الخ.
هذا لا يعنى أن يفعل القائمون على هذه الجمعيات ما يشاءون، لكن هناك أولا رقابة الجمعية العمومية، ورقابة القانون، التى يمكن أن يلجأ إليها أى عضو يشتبه فى وجود أى فساد.. ناهيك عن أنه يمكن قبول رقابة جهاز سمعته محترمة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات.
النتيجة المؤسفة لهيمنة الحكومة وموظفيها هى أن مجتمعنا مكبل فى أن يمارس حقه فى أن ينشط خارج مؤسسات الدولة، ليس من أجل تأسيس كيانات موازية لها، ولكن أن المجتمع من حقه أن يمارس رقابته الأهلية على مؤسسات الدولة، ومن حقه أيضاً أن يعبر عن احتياجاته من خلال هذه الجمعيات، فهى تشكل لوبيهات ضغط سلمية من أجل تحسين الأداء. ناهيك عما تقدمه من خدمات متنوعة، من الصعب أن تقدمها المؤسسات الرسمية، فما بالك إذا كانت لا تقوم أساساً بدورها بشكل جيد.
فى حالة نادى القضاة، لا يجوز التعامل معه باعتباره جمعية، حتى لو كان قانون الجمعيات مثالياً، ولكن لابد أن يصبح نقابة مهنية، تمارس عملها للدفاع عن العاملين فى مهنة القضاء العظيمة، وهذا حق أصيل أظن أننا جميعاً بحاجة لمساندته، وليس تجاهله لأنه جاء من المستشار الزند الذى لا ترتاح إليه بعض القوى السياسية ومناصروها داخل القضاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة