من المؤكد أن منع النائب البريطانى جورج جالاوى من دخول مصر ليس هو الحل، ولا مطاردة متعاطفين أجانب فى شوارع القاهرة، يمكن أن يكون مفيداً، ولكنه رد فعل عصبى من إدارة متوترة، تتعامل فى أحيان كثيرة وكأن على رأسها بطحة، فى حين أنها تدافع عن قضية عادلة وهى الحفاظ على الأمن القومى للبلد.. ولكنها تصر وبشكل غريب على ارتكاب المزيد من الأخطاء، والتى فى النهاية تحول الضحية إلى قاتل، وبدلاً من أن يحاسب أهلنا فى غزة حماس على الخطايا السياسية التى أدت إلى هذا الحصار، ويحاسبوا السلطة الفلسطينية، بل وكل قياداتهم التى اختاروها بالانتخاب على الحالة المتردية التى وصلوا إليها، يصوبون غضبهم فى الاتجاه الخاطئ وكأن المصريين هم الذين يحتلون أرضهم وهم الذين يحاصرونهم.
أضف إلى ذلك أن الإدارة الرديئة تمنح فرصة ذهبية لقوى سياسية مصرية، فى أن تتساهل مع أمننا القومى، كراهية فى نظام الحكم، أكثر بكثير من كونه حباً فى الفلسطينيين، ولكنه الكيد السياسى، الذى يخلط أصحابه بين معارضتهم للسلطة الحاكمة، وبين الحفاظ على الدولة التى تظللنا جميعاً، والتى يعنى تدميرها، تدميرا للجميع، وليس فقط للنظام الحاكم.
ضع مع هؤلاء أنظمة حكم، مثل إيران وسوريا، فلم يطلقا رصاصة واحدة فى اتجاه إسرائيل، ولكنهم يستثمرون أى خطأ ولو كان بسيطاً، فى حين أنهم لا يفعلون شيئاً، ومثلهم قطر التى تحتفظ بعلاقات حميمية مع إسرائيل، ولديها أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة، ولكنهم جميعا يتجاهلون ذلك وينهالون علينا نحن.
ودعنى أذكرك أن هذه الإدارة الرديئة دفع البلد ثمنها غالياً أثناء العدوان الصهيونى الغاشم على غزة، فرغم أن كل الأطراف التى تبنى مشروعيتها على معاداة إسرائيل، تخلوا عن الفلسطينيين. فحسن نصر الله تبرأ من صاروخ تم إطلاقه من الجنوب، وقال إنه يحترم الاتفاقات الدولية للدولة اللبنانية.. ومثله النظام السورى الذى لم يطلق صاروخا، لمساعدة الفلسطينيين، ولا لتحرير الجولان. ونظام الملالى فى إيران، منع المتطوعين من التوجه إلى غزة، أو إلى سوريا أو إلى جنوب لبنان ليحاربوا ضد إسرائيل، واكتفى مثل غيره بالحرب الكلامية.
ومع ذلك فهؤلاء كسبوا إلى حد كبير الحرب الإعلامية ضد الدولة المصرية، ودعك من النظام، والسبب هو الإدارة السيئة التى ترتكب أخطاء قاتلة منها مثلا رفض تنفيذ حكم قضائى بعدم منع قوافل الإغاثة.. ومنها مطاردة مصريين فى الشوارع، لأنهم متعاطفون مع أهلنا فى غزة.. ومنها التعنت فى فتح المعابر.. وأخيراً طرد جورج جالاوى إلى غير رجعة.
إن الأمر يحتاج إلى تعلم الدروس ونزع فتيل صانعى الأزمات، فلابد من مرونة شديدة، وصبر، وتحمل «هلفطة» من هنا أو هناك.. حتى يمكننا كشف المسئول عن كل هذا الدمار لفلسطين، وهو حماس فى غزة، وفتح فى الضفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة