علينا أن نصمت ونوسع الطرقات وننتظر النتائج الباهرة، لمن يريد الأجر والثواب والمغفرة. فقد تحرك مجلس الشعب الميمون، وقرر تشكيل لجنة لتقصى الحقائق فى أحداث نجع حمادى بعد أيام على الحادث الارهابى. ولأن المجلس موقر كما نعلم، فهو يتحرك بعد فوات الأوان. ويشكل لجانا تذهب وتتساءل، وتتصور وتعود بخفى حنين أو "سرور"، لتقدم تقريرا تضع فيه بيضها.. ليوضع الأدراج مع عشرات من تقارير لجان تقصى الحقائق التى لا تتقصى شيئا، وتنسى، لأن النسيان نعمة.
ومن مسببات الفرح أن المجلس الموقر "انشكح معشوشبا"، وهو يناقش الجريمة وقال النواب كلاما فظيعا، وتحدث الدكتور سرور مؤكدا أن الحادث رهيب، ولا يجب أن نسكت، بالرغم من أن المعروف والثابت بالبينة والقرائن وشهادات الأموات والأحياء أن الموقر ـ مثل الحزب الوطنى ـ يعرف التحذيرات ويرى المرئيات ويصمت على الحق .. ولو كانت الهيئة التشريعية تقوم بواجبها ما وقعت الوقائع.
ولا نعرف إن كانت لجان التقصى سوف تتقصى فعلا وتعرف أن الجناة قتلة الشباب المسيحى مسجلو خطر وأنهم أدوات لآخرين حرضوهم ومنحوهم المال والسلاح، وهل يمكن للجان التقصى أن تتقصى. وربما يكون المجلس الموقر سيد قراره فعلا قد سمع بوجود احتقان طائفى دائم ومتوقع وأن لدينا من المتعصبين والأغبياء ما يمكنهم أن يشعلوا البلد بما فيها، لو أتيحت لهم الفرصة وترك لهم الحبل على الغارب. وان استمرار الفرجة على الشرر والنيران يجعلها تشتعل ويعرضنا لانتقادات واتهامات نحن فى غنى عنها..
وبدلا من أن يتفرغ نواب الشعب للخناقات والشتائم وضرب الأحذية، يمكنهم أن يفعلوا شيئا مفيدا ويتحركوا لمواجهة الفتنة القائمة، وأن يتوقفوا عن الفرجة والمشاجرات ويمارسوا دورا هو من صميم السسلطة التشريعية لحماية المصريين من الإرهاب والتعصب.
وهى أمور تحدث أمام أعينهم لكنهم لايتحركون قبل وقوع الكوارث وصدور التعليمات ليتقصوا ويرجعوا بخفى حنين. وبدلا من أن يسال رئيس المجلس الدكتور سرور عن الميول الإجرامية للإرهابى القاتل، عليه أن يبحث عن الميول الإجرامية والطائفية لقيادات الحزب، و الميول الإهمالية للمحافظين على مواقعهم والناهبين للأموال.
صمت المجلس دهرا وهو يتفرج على الحوادث الطائفية ويشاهدها فى التلفزيون، ثم يمصمص شفتيه ويذهب إلى النوم، مثلما يفعل الحزب الوطنى الذى راح لزيارة نجع حمادى بعد وقوع الكارثة مع علمه بضلوع قياداته فى صناعة الفتنة وتصديرها، سكت ونام وتجاهل تقارير سابقة، حذرت من الفتنة، مثل تقرير الكشح النائم فى أدراج الموقر.
إذا سألت عما يشغل السلطة التشريعية الموقرة عن مواجهة الطائفية غير الموقرة، وتجاهل عشرات التقارير الحقوقية والشعبية التى حذرت ومازالت تحذر من الطائفية والتعصب والقبلية، ستجد أن "الموقر"، مشغول بفض المعارك والمشاجرات بين أعضائه الموقرين، نواب سب الدين وضرب الجزمة والنط فى الكرش، مثلما سبق له وتفرج على توصيات لجان تقصى الحقائق وأهملها وتجاهلها وعاد بخفى "سرور".
لو كان البرلمان الموقر جادا أو سيدا لقراره لاكتشف أن هناك تقريرا من السبعبينات اسمه تقرير الدكتور جمال العطيفى، فيه توصيات لمواجهة الطائفية والتعصب، لكن المجلس مشغول بنواب السب والقذف ولعب القمار، وربما ينتظر المجلس الموقر أن تعود المعارك والاشتباكات الطائفية ويسقط المزيد من الشهداء ليتحرك ويشكل لجنة تتقصى الحقائق وتكتب تقريرا فيه توصيات، توضع كلها فى الأدراج بجوار شقيقاتها، ويا دار ما دخلك شر، ويبقى " الموقر" على ماهو عليه، وعلى المتضرر اللجوء إلى التقرير.