كأنها مقابلة هدفها مناقشة أمور شخصية، لذلك قرر الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى ألا يعلن عما دار فى لقائه المغلق مع أحمد عز أمين التنظيم فى الحزب الحاكم، وتعرف وأعرف أن اللقاء بالضرورة ناقش فاجعة الدماء التى سالت أمام أبواب الكاتدرائية.. ناهيك عن أن الظرف لا يحتمل أن يكون هناك ما هو سرى فى مصيبة كبرى.
لكن الأنبا كيرلس ليس وحده، فرئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق المستشار مقبل شاكر رفض فى حواره مع العدد الأخير من جريدة اليوم السابع الإفصاح عما دار بين الرئيس مبارك والقضاة على خلفية مشاركته فى الاحتفال باليوبيل الفضى لعودة المجلس الأعلى للقضاء، مبررا ذلك بأنه لا يجوز إعلان المداولات، وهو يعرف أنها ليست كذلك، فتعبير المداولات يستخدم حين يتناقش قضاة فى حكم ما وصولا إلى القرار النهائى. أما لقاء الرئيس بالقضاة فهو شأن عام يخص القضاة الذين لم يحضروا ويخص كل المصريين.
ولكنه للأسف مزاج فاسد يخاصم الشفافية ويسيطر على معظم، إن لم يكن كل، المسئولين داخل الحكومة وخارجها، فيعطون لأنفسهم حقا ليس لهم، فهم ينتزعون عنوة وزورا حق الناس فى المعرفة، وفى الحقيقة هم ملزمون به طالما ارتضوا أن يتولون مناصب تؤثر فى حياة كل مواطن.
المؤسف أن الأمر لا يقتصر على مسئولى الحكومة ومسئولى مؤسسات الدولة، ولكنه وصل إلى قطاع لا يستهان به من النخبة المعارضة، بل ربما تكون أكثر شراسة من الحكومة فى إخفاء المعلومات.. فما زلت أذكر حوارا ساخنا مع مدير صحيفة حزبية، عندما طلبت منه نسخة من ميزانية الجريدة، فثار جدا، وقال لى إن هذا ليس شغلك ولكنه شغلنا. وكأن الجريدة من أملاكه الشخصية وليست مؤسسة عامة.
لا أريد أن أكون محبطا لك، ولكن الأمر وصل أيضا إلى المثقفين، فقد هاتفنى غاضبا منذ عدة أيام زميل صحفى وشاعر، والسبب أن موقع اليوم السابع نشر وقائع جلسة للقائمين على الملتقى العربى لقصيدة النثر، وكانت حجته أن مثل هذه الجلسات تحدث فيها خلافات لا يجوز للصحافة أن تعرفها.
إنه عذر أقبح من ذنب، إنه احتقار لأبسط حقوق المصريين، ولا أظن أنك وأننى علينا أن نسمح لهؤلاء بأن يسرقوا مستقبل البلد بتزوير المعلومات وإخفائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة