هل انتهت حدوتة الأنفلونزا كما بدأت؟ وهل نستعد لرعب جديد؟ ربما فالحمير فى الانتظار.
منذ بدأت حدوتة أنفلونزا الخنازير، قرأنا وسمعنا الكثير من البيانات والأرقام والتحذيرات، انشغلنا وانشغلت الصحف والفضائيات بأحاديث وتحذيرات رهيبة من الوباء، واسم الدلع "جائحة" أنفلونزا الخنازير التى سوف تجتاح العالم، وتقتل الملايين.
منظمة الصحة العالمية أعلنت رفع الاستعداد للدرجة الثانية ثم الرابعة حتى فتحت على السادس. قال لنا العالم إن الأنفلونزا خطيرة ، شددنا الإجراءات فى المطارات وذبحنا الخنازير فى أحد أغرب القرارات التسلطية فى العالم، بالرغم من أن دولا تعد منشأ المرض لمن تذبح الخنازير وبقرار جمهورى بالرغم من أن الجمهورى ليس طبيبا ولا عالما.
تكررت قصة أنفلونزا الطيور عندما خربنا بيوتنا بأيدينا، وذبحنا الطيور ودمرنا الثروة الداجنة التى كانت هى الاستثمار الأساسى لملايين المصريين من الطبقة الوسطى، وكل ثروة الغلاة فى الريف. ومع ذلك توطنت أنفلونزا الطيور، وأصبح عندنا أنفلونزا الطيور ولم يعد لدينا طيور. وأصبح عندنا أنفلونزا خنازير بلا خنازير، قتلنا الخنازير ولم نستطع التخلص من الزبالة، وعجزنا عن تنظيفها. ورأينا كيف اعترف محافظ القاهرة عبد العظيم وزير، أمام البرلمان بخطأ الحكومة فى قرار ذبح الخنازير، وقال إنه تسبب فى تفاقم أزمة القمامة فى مصر. لماذا صمت من يومها؟
منظمة الصحة العالمية هى التى قالت لنا إن الوباء خطير.. قلنا إنه خطير، مع أن لدينا أوبئة أخطر وأشد فتكا الكبد الوبائى الفيروسى، أو الفشل الكلوى لم نجيش لها الجيوش ولارفعنا الطوارئ، لكننا كالعادة انتظرنا العالم ليقول لنا إن هناك وباء خطير يلوح فى الأفق وتجاهلنا الأوبئة التى تحيط بنا من كل أفق.
صنعت منظمة الصحة العالمية الرعب، وصدقته سلطاتنا، وتجاهلت الرعب الأكبر والأخطر والأقرب، وساهم مبعوثو العناية الدوائية الفضائية فى تسويق الرعب. حذروا من قتلى بالملايين، ومقابر جماعية.
ولم ينصت أحد إلى علماء أعلنوا أن الأمر كله أقرب إلى لعبة تقف وراءها شركات الدواء بالتفاهم مع منظمات دولية. وأتذكر أننى فى مايو الماضى عندنا كتبت عن "أنفلونزا لو"، وذكرت ما تقوله الدوريات العلمية، أن الانفلونزا الموسمية تقل مئات الآلاف سنويا. فى صمت، وأن هناك مبالغة واضحة، سخر البعض واعتبرونى متفائلا. أنفقنا مايقارب المليارات الثمانية على التاميفلو والأمصال والمطهرات والأدوية، ولم نستطع أن نتجاوز المعدل العالمى للضحايا وحتى أمس كان ضحايا أنفلونزا الخنازير كما هو معلن رسميا حوالى 210، وهو رقم لا يمكن مقارنته بـ 100 ألف ضحايا التهاب الكبد الفيروسى و22 ألفا للفشل الكلوى.
الآن عادت منظمة الصحة العالمية لتعلن أن أنفلونزا الخنازير ليست بالخطورة التى تم تصويرها، وفورا رفعت وزارة الصحة الإجراءات من المطارات، وتوقفت كما قيل عن استيراد الطعم الذى تكدس ولم يجد له زبائن.
تقف منظمة الصحة العالمية الآن فى دور المدافع عن نفسها بعد الهجوم الذى تتعرض له، من قبل علماء حذروا من الرعب المصنوع ووجود شبهات تواطؤ مع شركات أدوية ربحت من الرعب. شركات الدواء والمنظفات والكمامات. التى ربحت وخسر المواطنون فضلا عن أموالهم راحتهم.
مع أنفلونزا الخنازير نسينا أنفلونزا الطيور، وربما ننسى الجميع مع أنفلونزا الماعز أو السمك أو الحمير. أين "لو".. التى علقوا عليها الرعب، لو تحور الفيروس، لو تضاعفت الإصابات. لا نقلل من عدد الضحايا، لكنا نشير إلى أن الأمر كله كان رعبا مستوردا انشغلنا به، ونسينا أوبئتنا وأمراضنا، لمجرد أن منظمة الصحة لم تحذرنا منها.
انتهت حدوتة أنفلونزا الخنازير، مثلما انتهت أنفلونزا الطيور، ولا عزاء للحمير.
موضوعات متعلقة..
أنفلونزا "لو"
مستوردو الرعب.. ضحايا الدوت كوم