مروة الشربينى لا تحتمل أن تقتلوها مرتين، يكفيها أنها ماتت غيلة وغدراً، فكل الموت يخلف الراحة، إلا الموت غدراً، فإنه يخلف مرارة لا يمحوها سوى الانتقام من القاتل، نعلم جميعاً أن الأكباد التى تتفتت حزناً على ضحايا الأقباط فى مذبحة ليلة عيد الميلاد، لا يمكنها أن تحمل غلاً لإنسانة اشتهرت بعدما ماتت، تاجر الكثيرون بدمها؟ نعم لكنها فى النهاية كانت رمزاً لأن يخرج المسلمون جزءاً من غضبهم على ما فعله الغرب بهم على مدار 8 سنوات مضت بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
ضحايا الأقباط شهداء، ومروة شهيدة أيضاً، ومن أنكر جزءاً من هذا فليأتنا بدليله، ولكن لا يصح أبداً أن نخرج مروة من قبرها لنسألها لماذا ثار الناس على مقتلك ولم يحركوا ساكناً لقتلانا الأقباط، ضعف السائل والمسئول، لن يرضى صاحب ضمير أن يرخص دماء شهيدة الحجاب ليثبت لنا كم هى غالية دماء شهداء الصليب أمام مطرانية نجع حمادى، لن أكرر كلاماً "مائعاً" مثل أن أمين الشرطة الشهيد فى نجح حمادى كان مسلماً، هذا لن يفيدنا فى شىء، فدماء المصريين غالية علينا جميعاً، وإن كانت رخيصة على حكومتنا.
لا يصح أبداً أن يفيق أحدهم من صدمة الحادث، ليشهر بيمناه سلاحاً فى وجوهنا ويضع يسراه فى خاصرته قائلاً "إشمعنى مروة الشربينى عملتولها زيطة لما اتقتلت وسميتوها شهيدة الحجاب"، فالنار لا تحتاج من يشعلها، والمتاجرون فقط هم من يستدعون الذكريات الأليمة ليبتزوا بها الآخرين، المتاجرون هم من فرقوا بيننا فى المعيشة "مسلمين ومسيحيين"، حرام عليهم أن يفرقوا الأموات "شهداؤكم وشهداؤنا"، أموات الضمير فقط هم من يحملون آلام آلاف الأقباط على من ماتوا فى المذبحة الأخيرة ليلقوها فى حجر من فقدوا ابنتهم فى ظروف مشابهة، والخوانون فقط هم من يخوضون فى دماء مروة الشربينى حاملين توابيت موتاهم، فكفوا ألسنتكم لأن الحزن الذى أصابكم أصابنا، ومن لم يبكِ منا على موتاكم بكى على وحدة الوطن التى هانت عندما هان دم المسلمين والمسيحيين، على كل متطرف أعمته "القساوة" أن يخفى كراهيته، لأن الأرواح الآن عند ربها لا تستطيع رد افتئاتكم، ومن كان منكم مصرياً حقاً فليمزج حزنه بالرحمة التى يحتاجها الأموات.. ومن لم يحزن فهو لا يستحق مصريته، لو كانت بيننا مروة الآن لبكت على أرواح الأقباط التى أُزهِقَت ليلة عيدهم.