سعيد شعيب

مدينة النزوات

الثلاثاء، 19 يناير 2010 12:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرحت عندما افتتحت دبى أعلى برج فى العالم وسط احتفالات ضخمة تحاول فيها لملمة جروح أزمتها المالية العنيفة، وتحاول فيه أن توصل رسالة لمن شمتوا فيها، وتصوروا أنها النهاية، وهى أنها صامدة ويمكن أن تعبر أزمتها الطاحنة، لتعود من جديد أكثر حيوية وجمالا.

لا أخفيك أننى مغرم بهذه المدينة، فقد زرتها عدة مرات على امتداد العشر سنوات الماضية، وفى كل مرة كنت أرى تقريبا مدينة جديدة، وفى كل مرة كانت تزداد بهاءً، وتزداد رقة وعذوبة، إنها على حد وصف صديقى الصحفى والأديب المغربى ياسين عدنان "مدينة النزوات"، ليس بالمعنى السلبى، لكن المعنى الإيجابى، فهى مدينة الخيال الذى يصنع التقدم، والقائمون عليها لديهم القدرة على الحلم، وإرادة لا تلين لتحويله إلى حقيقة على الأرض.
إنها مدينة منفتحة، وجدت لنفسها صيغة تعايش فريدة بين حوالى 128 جنسية، مختلف الأعراق والأديان تتجاور بلا تنافر. لا يسألك أحد عن جنسيتك أو ديانتك أو لونك، احترام شديد للخصوصية، فأنت حر تماما طالما لا تعتدى على حرية الآخرين.

لست خبيرا اقتصاديا، حتى أناقش تفاصيل الأزمة العنيفة التى ما زالت هذه المدينة الفتية تتعرض لها، ولكنها نتاج طبيعى للأزمة العالمية التى عصفت بالقوى الكبرى.. ولست ميالا للتحليلات التى استندت على أنها مجرد جسر لعبور البضائع، فهذا ليس عيبا. ثم أنه من الصعب تحقيق النمو الاقتصادى بمعزل عن العالم، وهذا له فوائد جمة، وله فى ذات الوقت ثمن فادح فى وقت الأزمات.

كما أننى لم أكن متعاطفا مع كثير من الذين عاشوا فيها وكانوا يتهمونها بأنها مدينة مصنوعة، رغم أنها ميزة تحسب لأهلها، فقد حولوا الرمال إلى مدينة بكل هذه الحداثة. لكن الأكثر إزعاجا لى كانت الشماتة التى انتشرت فى الصحف الغربية، وكأنهم يستكثرون على مدينة عربية، منافستهم، ليس فقط على أرضها، بل هناك فى بلدانهم أيضا. هذا لا يعنى أن تجربة دبى بلا أخطاء وخطايا، ولكنى متأكد من أمرين، الأول أنها مدينة مرنة قادرة على تلقى الصدمات وتحويلها إلى فرص نجاح. والثانى أن القائمين عليها، سوف يتعلمون حتما مما حدث، بمزيد من الانفتاح والشفافية والحرية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة