جريدة الجمهورية تمول قناة الناس الدينية التى تنتقد شيخ الأزهر وتهاجم الدولة

الجمعة، 22 يناير 2010 04:09 ص
جريدة الجمهورية تمول قناة الناس الدينية التى تنتقد شيخ الأزهر وتهاجم الدولة صورة من الإعلان المنشور بجريدة الجمهورية الأسبوع الماضى
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنت تعرف فضائية الناس الدينية بالطبع.. تلك التى يظهر على شاشاتها الشيخ محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب والشيخ أبواسحاق الحوينى والشيخ محمود المصرى، والمشهور عن هؤلاء المشايخ فى الأوساط الشعبية أن الدولة تحاربهم وتضيق الخناق عليهم بل وتصل بعض الروايات الشعبية إلى حد أن الدولة خائفة ومرعوبة من هؤلاء المشايخ وتسعى إلى تطفيشهم إلى خارج البلاد..

الكلام السابق هو السائد فى شوارع مصر، أما الكلام المفاجأة هو أن الدولة المصرية ممثلة فى إحدى مؤسساتها الصحفية والإعلانية وتحديداً «وكالة الجمهورية للإعلان» تقوم وعلى أكمل وجه برعاية هؤلاء المشايخ وتملك الامتياز الإعلانى لفضائية الناس أحد أشهر الفضائيات الدينية فى الشارع المصرى، وبما أن المعلوم بالضرورة يقول إن الشركات الإعلانية أو الوكالات الإعلانية هى الرئة التى تتنفس بها الفضائيات وهى الممول الذى يضمن لكل فضائية أن تعيش، وهى التى تفتح الخزائن ليأخذ العاملون بتلك الفضائيات رواتبهم وأموالهم، فإن هؤلاء المشايخ يتقاضون رواتبهم من فضائية الناس برعاية مؤسسة حكومية، وإذا كنا نعرف كلنا مدى سطوة الوكالات الإعلانية على الفضائيات والإعلام بوجه عام، فإننا ندرك أن وجود هؤلاء المشايخ وظهورهم على شاشة فضائية الناس وخطبهم وتعاليمهم تحظى بقبول مؤسسة صحفية عريقة تصدر عنها أحد أشهر الصحف فى مصر وهى جريدة الجمهورية، وليس لديها أى مشكلة فى نوعية الخطاب الدينى الذى يعلمه مشايخ السلف للجمهور، وهو أمر ربما يبدو غريباً إذا راجعنا قليلاً ما تنشره صحف الحكومة، وما يتردد من تصريحات على ألسنة مسئوليها الذين يشكون طوال الوقت من الخطاب الدينى المتطرف ويهاجمون على طول الخط التعاليم الوهابية المتشددة التى تصدرها السعودية إلى مصر عبر المشايخ الذين يطلون علينا من الفضائية التى ترعاها إحدى مؤسسات الدولة، وهو أمر فى قمة التناقض خاصة إذا اتخذنا من أزمة النقاب نموذجا ففى الوقت الذى تساند فيها صحيفة الجمهورية وبقية المؤسسات الصحفية الرسمية شيخ الأزهر والوزير هانى هلال فى موقفهما ضد الطالبات المنتقبات نجد أن فضائية الناس التى تحظى وكالة الجمهورية للإعلان بامتيازها الإعلانى هى أعلى الأصوات التى ترفض قرارات شيخ الأزهر وتنتقد مواقف الحكومة من النقاب بل وتتهم الدولة بمحاربة الدين.

الأمر السابق لا تمكن النظر له إلا عبر طريقين الأول هو أن الدولة تتعمد دعم هؤلاء المشايخ، ومناصرة التيار السلفى الذى لا دخل له بالسياسة بهدف القضاء على شعبية الإخوان المسلمين فى الشارع المصرى وبالتالى يصبح هذا التعاون بين فضائية الناس ووكالة الجمهورية للإعلان أمراً عادياً وتعبيراً عن مصالح مشتركة، وتصبح أزمة مثل أزمة النقاب مجرد فرقعة إعلامية ترغب الدولة من خلالها شغل المواطنين والتغطية على إحدى مصائب الحكومة كما اعتدنا منها دائماً، أما الطريق الثانى لقراءة هذا التعاقد أو التعاون فهو يكمن فى عشوائية مؤسسات الدولة وضعفها نظام «اللخبطيطة» التى تعتمده فى تسير شئون البلد.. بمعنى أنه ربما كان السادة المسئولون عن التعاقد الإعلانى مع فضائية الناس لم يقوموا بدارسة مشروع هذا التعاون جيداً، وربما لم يكن لديهم من الخبرة والثقافة والمعرفة والدراية ما يخبرهم أن هذه الفضائية تختلف فكرياً وثقافيا مع توجهات الدولة ومؤسساتها الرسمية حسب التصريحات المعلنة التى نسمعها دائماً، فمن قبل رفضت الدولة المساهمة فى إنشاء قناة فضائية دينية تابعة للأزهر الشريف، ودائماً تقول إنها ضد التعصب الدينى وتدعو من خلال صحفييها ومسئوليها ورجالها إلى الإسلام المعتدل، وترفض الاعتراف بأى تيار دينى آخر سواء كان الإخوان أو الجماعات السلفية كمرجعية دينية طالما الأزهر موجود، وكثيراً ما نشاهد فى صحف الحكومة صراخا وتحذيرا من حالة المد السلفى فى مصر، بل وكثيراً ما اتهمت صحف الحكومة الأهرام والاخبار والجمهورية وروز اليوسف ومعهاالتلفزيون المصرى مشايخ السلف بأن خطبهم وآراءهم هى السبب فى بعض التفجيرات التى حدثت أو بعض حوادث الفتن الطائفية، فهل يعنى ذلك أن تصريحات الدولة عن الخطاب الدينى المعتدل مجرد كلام نعصره ونشرب ميته؟ وهل يعنى ذلك أن هناك أجنحة فى الحكومة المصرية مقتنعة بأن شاشة قناة الناس تأخذ المسلمين إلى الجنة فقررت أن تبادر الدولة بتمويل تلك الرحلة لتعوض الشعب سنوات العيش فى جهنم النظام الحاكم؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة