بعد ساعات قليلة على تلقى وزير التعليم السابق يسرى الجمل لتطعيم أنفلونزا الخنازير، تلقى الرجل خبر خروجه من الوزارة، وبدا أن الخروج من المنصب من الآثار الجانبية لمصل الإتش 1، ولا شك أن الوزراء وكبار المسئولين سوف يترددون قبل تلقى المصل. حتى لو كان وزير الصحة حاتم الجبلى أول من تلقى التطعيم، وهناك من شكك فى الأمر، وقال إن الجبلى أخذ تطعيما خاصا ليس له آثار جانبية وزارية، بعكس الجمل. أما النكتة الأخرى أن الجمل تحصن ضد الأنفلونزا الخنازير، وأصابته أنفلونزا التعديل الوزارى. وكان شعار الحكومة "احذروا التطعيم.. التطعيم فيه تغيير وزارى".
وأبرز مفارقات خروج وزير التربية والتعليم أنه أدلى بحديث لزميلنا حاتم سالم فى اليوم السابع قبل أسبوعين قال فيه "أتلقى طوال الوقت إشارات من القيادة السياسية توضح رضاها عما حققته من إنجازات"، كانت أول إشارة خروج الجمل من الوزارة، لتثبت أن الإشارات التى تلقاها كلها كانت مضروبة، وأن الإشارات مثل المصادر العليمة التى تتحدث عن تغييرات وزارية قادمة ويتضح أنها، فشنك.
خرج وزير التعليم يسرى الجمل بعد أن ارتبط اسمه بمصطلحات مثل الكادر والتقويم الشامل ومشروع الثانوية الجديد، وفسر البعض خروجه بأنه لم يتخط امتحانات كادر الوزراء، وفشل فى التقويم الشامل بالحزب الوطنى، وأنه سيعيد الثانوية العامة طبقا لمشروع الثانوية الجديد.
وبالرغم من الاستياء الشديد لاختيار الدكتور أحمد زكى بدر وزيرا للتعليم المعروف بتعسفه وشدته مع الطلاب والأساتذة بل والسعاة فى جامعة عين شمس. فالأمر لم يخل من كوميديا، لأن أساتذة عين شمس كسروا وراءه قللا لخروجه من الجامعة إلى الوزارة، ومصائب قوم عند قوم فوائد. ودعا أساتذة عين شمس على بدر أن يتلقى تطعيم الأنفلونزا من نفس صنف يسرى الجمل. وبعضهم توقع أن يكون استوزار زكى بدر فى الداخلية لقدراته الأمنية وكونه من عائلة "داخلية"، وعادوا ليقولوا إنه ربما كان اختياره اعترافاً بفضل الوزير الأسبق على التربية والتعليم. بخطاباته التربوية التى كانت سبباً فى خروجه من الوزارة.. النكتة الأخرى أن كل من أحمد زكى بدر وعلاء فهمى كانا من الشخصيات المغضوب عليها جماهيريا، فتم اختيارهما، وهو أمر يشجع الوزراء على تنظيم حملات هجوم عليهما، على اعتبار أن الرئيس يبقى على الوزراء الأكثر تعرضا للنقد وإثارة للمشاكل، مثل المصيلحى وعثمان وباقى وزراء إغضاب الجماهير، ومنهم يوسف بطرس الذى يبدو أنه سب الدين للمواطنين بعد أن شعر بقرب التعديل الوزارى. وربما نرى وزراء يحملون الشوم والسنج حتى يحصلوا على الرضا الرسمى ببقائهم.
وبعد تعيين علاء فهمى وزيراً للنقل، وهو الوزير الثانى من هيئة البريد بعد المصيلحى الذى استمر رغم أزمات الخبز والقمح الفاسد، ويقال إن عدداًَ من المشتاقين فى الحزب الوطنى طلبوا نقلهم إلى هيئة البريد التى أصبحت أحد مصانع الوزراء. ومثلما أعلن أساتذة وطلاب جامعة عين شمس فرحتهم برحيل زكى بدر، أعلن موظفو البريد فرحتهم برحيل علاء فهمى، وراهنوا على أن تلحقه أنفلونزا السكك الحديدية.
ظلت الصحف المختلفة ترسم سيناريوهات وأحلاماً عن التغيير الوزارى، وأفرطت منذ نهاية الصيف الماضى فى تكهنات، وخرجت بعض الصحف الخاصة والقومية والحزبية تتوقع تعديلا وزاريا عقب عيد الفطر، ولما تأخر قالوا قبل مؤتمر الحزب الوطنى، ثم بعد المؤتمر، وبعد عيد الأضحى، واعتاد المتكهنون ربط التغييرات بالأعياد والمناسبات الرسمية، مع أنها تأتى فى مواعيد أخرى، وهو جزء من كوميديا التغيير والتعديل، الذى جاء مخيباً لكل التوقعات، والمصادر العليمة، وبدا الزملاء الذين ينشرون عن التعديل الوزارى شاهد ماشافش حاجة.
وعندما خرج وزير الرى السابق محمود أبوزيد فى تغيير مفاجئ، ومع أنه لا يوجد مبرر لتولى وزير أو خروجه ذهبت بعض التحاليل إلى أن هناك أسباباً وراء إقصاء محمود أبوزيد.. وهل الخروج عاوز سبب؟.
المتكهنون والعالمون ببواطن الأمور أخرجوا وزراء التضامن والأوقاف والتعليم العالى وبعضهم أخرج الصحة، وهناك من وسع فشراته وأجرى تغييرا شاملا جذريا، مستندا إلى مصادره العليمة التى يتضح أنها هى أيضا "ماشافتش حاجة"، قسموا وزارة النقل على وزيرين، ورشحوا محمد كمال للإعلام وقلصوا سلطات رشيد محمد رشيد وأعادوا وزارة التموين، وأسندوها إلى سعيد الألفى رئيس جهاز حماية المستهلك. ودمجوا وزارة التعليم مع التعليم العالى، ورشحوا ماجد الشربينى عضو السياسات لمنصب وزارى، وبعض المتكهنين قالوا إن "الرئيس مبارك متحمس لإجراء التعديل فى هذا التوقيت"، وامتدت التكهنات إلى المحافظين وربما امتدت لرؤساء المدن والعمد ومشايخ البلد، وجاءت التعديلات لتثبت للسادة المتكهنين أنهم ماشافوش حاجة.