أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

شياطين الطب فى بورسعيد

الثلاثاء، 05 يناير 2010 12:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تقرأ:
أعلم أن الكلام القادم شخصى بعض الشىء، وأعلم أن هذا الكلام الشخصى قد يجعلنى متهما باستغلال وظيفتى لأغراض شخصية، ولكن تبقى قناعتى بأن هموم الناس فى هذه البلد مشتركة ومكررة هى سبب جرأتى فى استخدام تلك المساحة للحكى الشخصى، لأننى على يقين أن آلافا منكم قد تعرضوا لمثل ما ستقرأونه الآن.

فى الأسبوع الماضى نشرت سطورا كثيرة حول حادث السيارة الذى أصيب فيه عمى فى بورسعيد، وكيف رفض الإسعاف أن ينقله لأحد مستشفيات القاهرة بسبب زيارة الرئيس مبارك التى جعلت البلد كلها تحت رحمة زيارته.

كتبت كثيرا عن أوجاع الرجل الذى غدرت به الطرق المظلمة وإشارات المرور غير الموجودة، ولكن قلقى عليه أنسانى الكثير من التفاصيل التى تثبت أن موت الناس أثناء انتظار موكب الرئيس قد يكون أهون بكثير من موتهم على سلالم المستشفيات أمام أطباء انعدمت الرحمة من قلوبهم.

لا أعرف على وجه الدقة إن كان استخدام تعبير ملائكة الرحمة كناية عن الأطباء مازال صالحا للاستخدام أم لا؟ ولكن ما سمعته من القصص وفيما يخص السادة الدكاترة فى المستشفيات الأميرى والعام والمستشفى الخاص «آل سلمان» فى بورسعيد أعتقد أن مصطلح شياطين الطب سيكون أنسب بكثير.

فى المستشفى الأميرى ترك الدكتور الرجل غرقانا فى دمه ينزف ويتوجع ودخل فى مشاجرة سخيفة مع الممرضة، بسبب أن طريقتها فى الكلام لم تناسب سيادته.. كان واضحا أن سيادته من هؤلاء الذين يحفظون ولا يفهمون، وكان واضحا أكثر أنه يتعامل مع الطب بمنطق الجزارة وبالمناسبة الجراحة التى أجراها فى وجه عمى تكفى لمنعه من مزاولة المهنة فورا، وترشحه بجدارة للالتحاق بأى مشغل خياطة ملابس جاهزة.

دعك من فكرة أن صيدلية المستشفى كانت أوسخ من الصينى بعد غسيله وليس بها سوى فضلات الأدوية، ودعك من فكرة أن الممرضة دارت على الأطباء «تشحتهم» لعلاج عمى المصاب، ودعك من الطريقة القذرة التى تعامل بها مع خوف أهل المريض، وركز فيما حدث داخل مستشفى «آل سلمان» الخاصة.. هل تتذكر تلك المشاهد فى الأفلام حينما تغلق المستشفيات أبوابها أمام المرضى ولا تسمح لهم بالدخول حتى لو كانوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة إلا بعد دفع المعلوم؟ هذا بالضبط ما حدث مع عمى، رفض السادة الدكاترة السماح بدخول الرجل إلا بعد شخشخة الجيوب.. طيب يا إخوانا الراجل مصاب فى حادث ونحن جئنا مسرعين ملهوفين خائفين وجيوبنا خاوية.. طيب يا أهل الرحمة أدخلوا الرجل وعالجوه، وبعد ساعات ستحصلون على ماتريدون؟! وكأنك تخاطب سائرين على أربع ويحملون أسفارا لا رد ولا إجابة ولا إنسانية، بل والأقذر من ذلك أن بعض الممرضين جلسوا لمواصلة حفلة الضحك التى كانت قائمة قبل وصول المريض..

أى ملائكة رحمة فى الأمر إذن، نحن نتكلم عن نوع جديد من الوحوش ترتدى الأبيض لتنصب على الناس وتتاجر بأوجاعهم، ولا تهتز شعرة واحدة فى جسدها أمام الألم، نحن نتكلم عن قلوب انتزع الله من قلبها الرحمة، ويمكن أن أكلمك عن قلوب أقسى من ذلك بكثير إن أخبرتك عن وكيل النيابة الذى أرسل أمين شرطة وضابطا لإحضار عمى من داخل غرفة العمليات لاستكمال المحضر فى القسم، لأن البيه مينفعش يجى لحد هنا، هكذا قال عديم الإنسانية والمفهومية، وهكذا لم ير فى مطلبه أى سوء أو أى تجاوز أو أى جنون.. فهل يمكن أن تعتبروا هذا بلاغا لكل الجهات الرسمية؟ ومن قبل ذلك هل يمكن للسماء أن تعتبر هذا بلاغا خاصا لها لعل رحمة السماء تسبق رحمة الأرض وتشفى المريض من مصابه وتنتقم من هؤلاء قبل أن يستعملوا قسوتهم وشرهم مع آخرين؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة