أصبحت الشتيمة والضرب على القفا من أدبيات "الموقر" المعروف بمجلس الشعب، ربما يكون الشتم والضرب جزءا من خطة المجلس لتطوير أدائه من الاشتباك اللفظى إلى المصارعة الحرة. فقد رأينا كيف صفع نائب الوطنى عادل شعلان زميله فى لجنة الزراعة عبد الفتاح عبد الكريم، أثناء مناقشة قضية زراعية، عندما دافع شعلان عن سياسة وزارة الزراعة فى تحرير أسعار الأسمدة، فاتهمه زميله عبد الفتاح بأنه يدافع عن وزير الزراعة لأنه يمتلك شركة أسمدة وله مصلحة، هاج شعلان ووجه صفعة إلى وجه زميله الموقر.
وبالإضافة إلى الحكمة التربوية من الضرب والشتائم، علمنا كيف تختلط المصالح العامة مع الخاصة، اختلاط مياه الشرب بالمجارى فى مصر المحروسة، وقد اكتشفنا أيضا وجود علاقة بين الزراعة والضرب على القفا. ونظن أن عملية التربية والتعليم تسير فى مجلس الشعب على أشدها، ويمكن أن تسفر عن نتائج تربوية رائعة، لو تم استغلالها. خاصة وأننا لم نسمع أى تعليق لرئيس المجلس المخضرم الدكتور أحمد فتحى سرور، وهو وزير تعليم أسبق، وفى عهده اختفت التربية وسنة سادسة ابتدائى، ومن فرط التربية أصبح الموقر مشتمة ربما تحتاج إلى تغيير اسمه إلى مجلس "النط فى الكرش".
وقد شهدنا قبل أيام معركة بالشتائم بين نائب وطنى وآخر معارض فى لجنة الأمن القومى، حيث سمعنا وشممنا شتائم من عينة "أنا أشرف منك يا خاين يا ابن الكلب".. "دى وساخة وقلة أدب"، "لو مسكتوش هاضربكم بالجزمة". وهى ألفاظ يمكن أن تضاف إلى سوابق الموقر بجوار مصطلحات مثل" سيد قراره وهيا بنا إلى الجدول، وموافقة"، ليصبح القاموس التشريعى أكثر تربوية وقوة وتأثيرا فى الجماهير.
وقد توقعنا من أيام واقعة الضرب بالجزمة أن نرى الموقرين وهم يحملون الشوم والسنج ، ففاجأنا النائب بصفع زميله، وقد تتطور ظاهرة الضرب على القفا لتحل مكان المناقشات، ونشاهد النواب وهم يتصافعون بدلا من أن يتناقشوا، ويتبادلوا الركل بالشلاليت، والنط فى الكرش داخل اللجان. وإذا انتقل الضرب على القفا إلى اللجنة العامة للموقر قد تكون الأمور أكثر تشريعا وأعمق برلمانية.
وبعد شيوع تزويغ النواب فى الدورات الماضية، وهو ما اشتكا منه الدكتور سرور، ربما يصبح مناسبا مع مرحلة الضرب على القفا أن ينط النواب من على السور أو يشكون بعضهم إلى الناظر، أو يتم انتخاب " ألفا" على كل لجنة، يكتب أسماء النواب المزوغين، أو من يضربون زملاءهم، أو يأكلون أكلهم، ومصالح الجماهير.ليصبح المجلس أكثر وقارا وتربوية بفضل رئاسة حضرة الناظر سرور.