ربما الأكثر إدهاشا فى حيثيات الذين ينتقدون الجدار الفولاذى، أنهم ينطلقون، ربما دون قصد، من أن تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيونى مسئولية المصريين أولاً، وليس مسئولية الشعب الفلسطينى. ربما لذلك تجد كلاما مرسلا من نوع: وما هى المشكلة فى أن تتغاضى الدولة المصرية عن تهريب السلاح إلى حماس، أو هى التى تقوم بذلك؟ وتجد أيضا كلاما مرسلا من نوع أنه على الدولة المصرية أن تنتهك اتفاقياتها الدولية الملزمة، فهى ليست أكثر أهمية من تحرير فلسطين، و"ياريت" تخوض حربا ضد إسرائيل.
رغم أننا على سبيل المثال لم نطلب من أحد أن يحرر لنا بلدنا من الاستعمار الإنجليزى، ولا طلبنا من أحد أن يحرر لنا سيناء. وإذا نظرت لحركات التحرر فى العالم كله، لن تجد أحدا يطلب من شعب مجاور، لمجرد أنه مجاور، أن يخوض حربا بدلا منه.
صحيح أننا مطالبون بمساعدة الشعب الفلسطينى، ولكن هذا مشروط بألا ندفع نحن ثمن الخطايا، فتظل مجرد مساعدة لا أكثر، ليس على أساس إيديولوجى، ولكن لأن هذا يصب على المدى الطويل فى حماية أمننا القومى.. فنحن أصحاب مصلحة فى وجود دولة فلسطينية مستقرة على حدودنا.
لكن لا يجب أن يجرنا ذلك إلى انتهاك اتفاقياتنا، فقد حررنا أرضنا. ولا أن نتهاون فى حدودنا، ولا أن ننجر على أرضية أن ندفع، بدلا من الشعب الفلسطينى، ثمن اختياراته السياسية، سواء بانتخاب حماس أو فتح، أو اختيار قياداته بشكل عام.
فإذا أراد أهل غزة أن يفكوا هذا الحصار اللعين، فعليهم أن يضغطوا على حكومة حماس، لأنها تعطل اتفاقية المعابر، فهى لا تريد وجود ممثل للسلطة الفلسطينية التى انقلبت عليها، فهل منطقى أن يجوع شعبها لهذا السبب التافه؟
بالطبع ليس منطقيا، وليس منطقيا أن تتجه مظاهراتها وطلقات رصاصها، مثلما قتلوا الشهيد أحمد شعبان، إلى حدودنا.. فى حين أنها تلتزم التزاما حرفيا بما تم الاتفاق عليه فى أعقاب العدوان الغاشم على غزة ولم توجه رصاصة واحدة أو حتى احتجاج على حدودها مع عدوها إسرائيل.
فعلى حماس التى تتعيش من رفع راية المقاومة ولم تفعل شيئا، وعلى من يناصرونها حتى الآن بالكلام، مثل حزب الله وإيران وغيرهما ، أن يدفعوا هم الثمن، وليس أولادى وأولادك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة