أصيب البعض بالدهشة والتلبك المعوى من تصريحات السيدة عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة والهجرة، التى أعلنت فيها بكل ثقة وبراءة الوزراء فى عينيها أن مصر ليس فيها بطالة، ولا تعانى من أعراض الإطالة، وقالت إن مصر مزدحمة بفرص العمل التى لا تجد من يشغلها، وأن الشباب المصرى لا يقبل العمل داخل بلده ويفضل السفر للعمل فى الخارج ويفضل الرجوع بشنطة هلاهيل.
وهؤلاء المندهشون ليس عندهم أى حق وعليهم أن يكذبوا أعينهم أرجلهم ويصدقوا الوزيرة، خاصة ونحن فى موسم الفشر العام الانتخابى، وتستحق الوزيرة جائزة الاكتشاف المبكر للبطالة، والتوصل إلى نظرية الإخفاء التظاهرى المصحوب بفرص عمل،
وتتكون نظرية الوزيرة ـ التى طرحتها أمام مؤتمر فى بور سعيد ـ من عدة طبقات يمكن استخدامها فى الطفو فوق المشكلات، ولا نعرف ما إذا كانت وزارة القوى العاملة تقع فى مصر أم أنها هاجرت إلى منابع النيل للتأكد من براهين التجارب المزهرة.
وحسبما تذكر الأرقام الرسمية هناك ما لا يقل عن ثلاثة ملايين عاطل، تتضاعف فى الأرقام والإحصاءات غير الرسمية، وتتوالد فى الأرقام البلدية.. ولو أعادت الوزيرة قراءة برنامج الرئيس الانتخابى سوف تكتشف أن حكومة البرنامج يفترض أن توفر 6 ملايين فرصة عمل فى ست سنوات، ويذكر للسيدة عائشة أنها أثبتت أن البرنامج كان يتحدث عن فرص عمل فى بلد آخر، وربما كان برنامج الرئيس يقصد توفير 6 ملايين عاطل لفرص العمل الملقاة على قارعة الطرقات ولا تجد من يشغلها.
ومن المؤكد أن الوزيرة لم تسمع فى مجلس الشعب عن مليونى شاب يتم تعيينهم بعقود فى الحكومة بمكافأة 100 جنيه، ولم يكن رئيس وزرائها يعلم هو الآخر، وهى فرص عمل محسوبة ضمن البرنامج، بما يثبت صحة نظرية الوزيرة وتطبيقها بطريقة مشوية أو مقلية.
والواضح أن وزيرة القوى العاملة أصابتها عدوى الأرقام من الدكتور رقماوى المعروف بعثمان الذى نفى وجود الفقر، ولو انتشرت العدوى فى الحكومة بشكل متسع ربما نجد الحكومة تنكر وجود الزحام، وبالتالى تتخلص من مشكلة المرور، وتنفى وجود مرضى بالكبد والفشل والسرطان فينتهى المرض، وبهذا تعم الفائدة العظمى بفضل نظرية "التجاهل الحلولى للإنكار أم الخلولى".
وكانت هناك صفة لوزارة القوى المسماة عاملة زمان هى التدريب، بما يجعل من مهام الوزارة الميمونة إعادة تدريب الشباب لتنشيط مؤهلاته، وكنا نعرف أن هناك نظرية تصدير الشغالات والخدم للخارج، التى اندثرت من سنوات بعد إنكارها من الوزيرة.
وها هى الوزيرة تضاعف اكتشافاتها لتثبت أن هجرة الشباب وعملهم فى الخارج ترجع إلى رغبة فى تعذيب الذات، والبحث عن الهلاهيل، تأكيداً لنظرية السيدة عائشة فى الاستنكار التفاعلى.