تعد أفلام السينما فى كل العالم وسيلة من وسائل قراءة حال المكان والزمان سواء بالسلب أو بالإيجاب. ونظرة على أفلام موسم عيد الفطر التى مازالت تعرض أظن أنها كفيلة بقراءة حالنا بشكل أو آخر.
أغلب الأفلام المعروضة أفلام كوميدية أو هكذا يعتبرها أصحابها فـ«الرجل الغامض بسلامته»، و«سمير وشهير وبهير»، و«أولاد البلد» ثلاثة أفلام من أربعة تُعرض، أفلام كوميدية، مما يعنى أن القائمين على السينما يعرفون أن الشعب فى احتياج للضحك، ولكن هل تمد هذه الأفلام الجمهور بالضحك فعلا أم أن ضحكنا السينمائى صار كما نضحك فى الحياة ضحك مُر أو كاذب؟ فلنرَ..
فى فيلم «الرجل الغامض بسلامته» يختلط الضحك بالسياسة، فكابتن بلال فضل مشاغب سياسى، وبطله هانى رمزى مشاغب فنى، ورغم هذه الخلطة لكن الفيلم لم يقدم لنا ضحكا خالصا صافيا ولا سياسة حقيقية لها موقف، ولكنه اكتفى بلمسة من كل شىء، فلا الضحك كان حقيقيا، ولا السياسة كانت صادقة، بل بدا أن هناك لمسة من كل شىء بلا رؤية متكاملة، لذا فإن فيلم «الرجل الغامض بسلامته» يشبه بالفعل حالنا وإن لم نحبه أو يرضنا، فنحن فى مصر لم يعد ضحكنا حقيقيا بل ضحك زائف يشبه الضحك، وحتى إن بدأنا نضحك فأبدا لا يكتمل، وفى السياسة لدينا ما يبدو على السطح أننا نعيش كما يقولون فى حراك سياسى.. مجلس للشعب وأحزاب ومعارضة وصحف وبرامج مسائية وسهرة، ولكنها جميعا دون استثناء مجرد مظهر من مظاهر الممارسة السياسية فى ظاهرها، ولكنها فى جوهرها ليست حقيقية فهى شبه الحراك السياسى فى دول أخرى ولكنه مجرد شبه.
ومن «الرجل الغامض بسلامته» إلى «أولاد البلد» الذى يمثل السوقية والإسفاف، فهل أتى «أولاد البلد» بما هو ليس فينا؟! ألا نراقب أنفسنا وشوارعنا وملابسنا وبرامجنا وضيوفها، ومحالنا فى أكبر الشوارع التى تشبه تنسيق المحال فى أكثر الأماكن سوقية.. ألا نراقب كل هذا لنعرف أن الإسفاف والسوقية تسيدا علينا، فلا لوم إذن على من صنعوا هذا الفيلم إلا أنهم نقلوا الواقع بسوقيته وفجاجته.
ثم أخيرا يأتى فيلم «سمير وشهير وبهير» فيلم كتبه ومثله مجموعة من الشبان: أحمد فهمى وشيكو وهشام ماجد، يحمل تسلية وضحكا وإبداعا ليس له من هدف إلا المتعة والضحكة الصافية، وفى ذلك تشابه مع حياتنا، فرغم كل ما فيها من صعوبة عيش، وقهر كثير يصل إلى حد اليأس ومظاهر سلبية كثيرة، فإننا ما بين الحين والآخر تظهر فى حياتنا ومضات مضيئة تمنحها لنا أجيال جديدة تبعث فينا أحيانا بعضا من الأمل، فنقول كما قال الرسول «الخير فىّ وفى أمتى إلى يوم الدين».. قول يبعث على الأمل.
ثم يأتى أخيرا «عائلة ميكى»، فيلم كتبه شاب هو عمر
جمال، وأخرجه أكرم فريد، يحكى عن شكل العائلة المصرية الآن بمنظور الشباب فى أغلب الأحوال، والكبار فى بعضها، وللأسف يجد المشاهد للفيلم نفسه بعد المشاهدة يكفر بالأسرة والأبناء والأمومة، فالكل باطل وكاذب ومزور، حسب وقائع الفيلم، وما أسوأها من صورة للأسرة فى عام 2010 مقابل صور نقلتها لنا السينما المصرية للأسرة على مدى تاريخها، مثل «أم العروسة» و«عائلة زيزى» و«امبراطورية ميم»، وعشرات من الأفلام التى أضاءت فى حينها مواطن السلب والإيجاب فى الأسر المصرية.. ولكى يأتى فيلم «عائلة ميكى» ليضىء فقط مواطن الجروح، فلا نجد فى جسد الأسرة إلا أمراضا، فهل اختفت بالفعل صورة أسرة زيزى والعروسة وميم ولم يعد من أسر إلا أسرة ميكى!!!! لا أتمنى.. ولكن يبدو أنها الحقيقة.