تواترت الأنباء حول معركة الأجور بين عمرو دياب وتامر حسنى حتى صار الأمر يبدو كمزاد من يعلو على الآخر، ولست هنا فى معرض الحديث عن حكايات عموره وتموره أو غيرهم من النجوم وأجورهم، فأجور الفنانين والنجوم يدفعها منتج من ماله الخاص ولا تمنحهم إياها الدولة من أموال دافعى الضرائب، إذ إن هذه الأجور هى نتيجة تعاقد خاص لا يجب أن تخضع لمراقبة الرأى العام ولا يجب أيضا أن تكون موضع انتقاد أو تهليل من قبل الصحافة.
ورغم ذلك، لا تخلو صحيفة من أبواب مثل بورصة النجوم أو اقتصاديات النجوم وحديث عمن يتقاضى كم حتى يبدو البعض حين يكتب فى هذا الأمر يكتب بمنطق "جتنا نيله فى حظنا الهباب".
وقد تفاقمت هذه الظاهرة بشكل كبير ليس فى الصحافة فحسب بل فى المجتمع بأسرة، ولم يقتصر الأمر على نجوم الفن وحدهم بل نجوم الكرة ونجوم الإعلام وغيرهم من المشاهير حتى صار حديث الأجور حديث الشارع فى غير محله.
واستشرت الظاهرة ولا أقصد هنا ظاهرة الملايين ولكن ظاهرة الإعلان عن الملايين، وخاصة لدى أهل الفن، فبعد أن كانوا يخفون أجورهم فى عقود خاصة عن الضرائب، صاروا يسربون أخبارا مغلوطة عن أجورهم للصحافة كنوع من المباهاة وكيدا فى الأعداء وتقييما وهميا كأن الملايين تمنحهم هيبة.
وحكاية عمرو وتامر مؤخرا مثال صارخ على ما أوردته، ويتناسى الجميع فى غمرة حديث الملايين نجوما وصحافة، ما هى مهمة كل منهم فى مجتمع على سطح من صفيح ساخن، إنهم يلعبون بالنار وللأسف نارهم لن تحرقهم وحدهم ولكنها ستحرق مجتمعا بأكمله.
ففى بلد مثل مصر يعانى من آلاف المشكلات من فقر وغياب العدالة الاجتماعية وتآكل الطبقة الوسطى وجهل عام، يؤدى إلى حالة غل مجتمعى بين الطبقات، وفى بلد يغامر آلاف من شبابه بركوب مراكب الموت هربا، ومتوسط دخل أغلبه عشرات من الجنيهات فقط فى الشهر.. فى ظل كل ذلك تنسى الصحافة وبعض الصحفيين دورهم فى الحفاظ على هذا المجتمع من الانفجار، فالصحافة كما علمها لنا أساتذتنا التزام تجاه قارئ بالحقيقة وتجاه المجتمع بالحفاظ عليه، فما فائدة أخبار قارئ بأجر نجم؟ وماذا يمكن أن يحدث فى مجتمع ظروفه كما أردفت سابقا وكلنا نعرف؟ والأهم أن كل أخبار أجور النجوم كاذبة، فلا عمرو سيحصل على 40 مليوناً ولا تامر سيحصل على 80 مليوناً.
والسؤال الأهم والأخير، ماذا سيحدث إذا لم نعرف أجر النجم؟ هل ستقل معلوماتنا العامة؟ هل ستكون الصحافة مقصرة فى مهمتها تجاه المجتمع، هل وهل والإجابة بلا كبيرة وعالية.
أما ماذا يحدث حين نكتب عن الأجور الكاذبة أو حتى الحقيقة إلا أننا نزيد من إحباط المحبطين وغيظ المطحونين وحقد وكراهية المظلومين.
الأستاذ تامر ومعه كل الأساتذة الذين يسربون أنباء ملايينهم للصحافة يلعبون بالنار وهم غافلون وحين تجاريهم الصحافة فى لعبتهم فإنهم بغير وعى يحرقون مجتمعا بالفعل تحاصره النيران وهم يلعبون.