قصة مشوقة تلك التى أعلنتها وزارة العدل قبل يومين، عندما أعلنت أنها تمكنت من ضبط عصابات استولت على 31 مليون جنيه من مئات المواطنين بعدما أوهمتهم بقدرتها على تعيينهم كموظفين داخل الوزارة. والإعلان فيه من الغموض ما يشير إلى طريقة جديدة فى الإعلان عن الضبطيات والجرائم، والمثير أن إعلان وزارة العدل قال إن أمن الوزارة هو الذى ضبط العصابات المختلفة، وهى المرة الأولى التى نعلم فيها أن وزارة العدل لها جهاز أمن، وكنا نتصور أن وزارة الداخلية أو النيابة إلخ هما اللذان قبضا على التشكيلات العصابية، التى لم يتم الإفصاح عن أى تفاصيل حولهما.
لكن ما أعلن أنه تم ضبط عدة عصابات، منها موظف وموظفة بمحكمة الجمرك بالإسكندرية كانا يحصلان على 40 ألف جنيه من طالب الوظيفة، وجمعا 8 ملايين جنيه من 200 شخص. عصابة أخرى من موظف أوهم المواطنين بقدرته على تعيين حديثى التخرج بوزارة العدل وجمع 150 ألف جنيه. عصابة بقيادة أمين شرطة مفصول جمع 20 مليون جنيه، وقالت الوزارة إنه زور قرارات التعيين. وعصابة بالمنوفية يقودها موظف بنيابة شبين الكوم حصل على 3 ملايين جنيه، بالإضافة لسيدة قال البيان إنها أوهمت الناس بقدرتها على تعيينهم فى النيابة وجمعت عدة ملايين.
وكلهم وفق البيان كانوا يوهمون الناس بأن لهم علاقات بأصحاب القرار. وكل هذه العصابات لم تمسكها وزارة العدل مرة واحدة، وربما كانوا يعملون من سنوات، وربما أيضا كانوا يعملون لدى عصابات أو زعماء عصابات أكبر. وأن "الرجل الكبير" فى هذه العصابات اختفى، وتم تسليم كبش فداء لزوم الحبس. وقد يشطح الخيال إلى أن ما خفى فى هذه القضايا، كان أفسد وأوسع، وربما أكثر عمقا وطولا وعرضا. وأن ما تم ضبطه هو قمة جبل الجليد.
ومثل هذه العصابات بعضها كان معلنا ومعروفا وشائعا، وبعض كباره كانوا أصحاب حيثيات رسمية أو برلمانية معتبرة. ساهموا فى دعم سلك النيابة والقضاء بعدد وافر من الموهوبين أبناء الموهوبين الذين ظهر بعضهم فى الوقائع الرسمية بعد ذلك.
أما الأهم فهو أن عشرات ومئات وربما آلاف من الناس لدى بعضهم القدرة على دفع 40 ألف جنيه ثمنا لوظيفة بوزارة العدل، للهرب من البطالة، أو الصعود إلى حيثية، مع توقع أن يتم تعويض هذه الأموال، من جيوب أخرى.
الشراء هو أحد سبل اقتناص الوظائف خلال السنوات الماضية، بسبب البطالة أو رغبة فى التساوى بأصحاب الواسطة والمحسوبية وخلافه. ويعرف كثيرون أن شراء الوظيفة أحد الطرق الشائعة ليس فى وزارة العدل وحدها، لكن فى وزارات مختلفة وبأسعار متفاوتة.
وكان هذا جزءا من منظومة فرضت نفسها فى كل المجالات، وكانت ثلاثية "الواسطة المحسوبية الرشوة"، هى الطريق إلى الوظيفة، أو الوصول للمنصب. وهؤلاء هم الذين تخرج بعضهم أو أغلبهم ليمثلوا جزءا مهما من منظومة الفساد التى تتشابك ببعضها مثل شبكات المياه والغاز والكهرباء، والصرف.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة