عادل السنهورى

زواج الصحافة ورأس المال

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010 07:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أزمة صحيفة «الدستور» هناك حقيقة غائبة علينا أن نطرحها للنقاش وهى أصل الأزمة الحقيقية فى رأيى التى ربما يكون الكثيرون فى ظل الصخب الدائر أغفلوا البحث فيها، وهى حقيقة نمط الملكية الجديدة فى السنوات العشر الأخيرة ودخول رأس المال بوضوح وبقوة فى الاستثمار الإعلامى سواء فى فضائيات أو صحف درج البعض على تسميتها بالصحافة المستقلة التى تصدرها شركات مساهمة لأفراد أو رجال أعمال كبار بترخيص من المجلس الأعلى للصحافة.

دخول رأس المال فى مجال الاستثمار الإعلامى جعل من بناء مصنع أسهل وأيسر كثيرا من إصدار صحيفة أو إطلاق قناة فضائية التى تحولت بفعل رؤوس الأموال الضخمة إلى صناعة ثقيلة لا ينفع فيها فكر الهواة ذوى العقائد السياسية والتوجهات الفكرية الحالمة بإصدار صحيفة تحمل تلك الأفكار والمعتقدات وبأموال قليلة لاتستطيع مواجهة ملايين الصناعة الجديدة.

الظاهرة الجديدة أفرزت عدة حقائق لواقع قد يرفضه البعض ولكن اضطر للتعامل معه وتأجيل الصدام وتقاطع المصالح إلى لحظة قد تأتى الآن أو تأتى فى وقت آخر معلومة أسبابه ودوافعه، والبعض الآخر رأى أن رأس المال توافق معه بعض أصحاب الفكر فى مهنة الصحافة وتشابكت مصالحه معه.

ولا ننكر أن الصحافة والفضائيات الخاصة أضافت كثيرا فى بدايتها لهامش حرية الرأى والتعبير فى مصر، وقدمت للناس ما هو غير مألوف عن السائد فى الإعلام الحكومى وحققت نسبة قراءة ومشاهدة عالية، وإن لم يخلُ ذلك من ممارسة بعض الضغوط الحكومية لوقف أو منع بعض الشخصيات والبرامج من الظهور.

وهنا تبدو دراسة «زواج رأس المال بالإعلام الفضائى والمقروء » أمرا ضروريا لإعادة القراءة من جديد لظاهرة تعيد إنتاج نفسها فى مصر بعد أكثر من نصف قرن مع اختلاف الظروف والأهداف والمصالح بين مرحلة ما قبل ثورة يوليو والمرحلة الحالية، فمن الطبيعى أن هناك أهدافا اقتصادية وتجارية وسياسية واضحة لاستثمار رأس المال فى مجال الإعلام لا يقبل أصحاب رؤوس الأموال الفشل فى تحقيقها، فى المقابل فأصحاب مهنة الرأى والتعبير لديهم طموحهم فى توسيع هامش الحرية الى أقصى مدى دون النظر إلى مصالح رأس المال الذى بدا فى البداية أنه يدفع فى اتجاه دعم حرية الإعلام فى مصر وهو ما تحقق جزئيا، لكن لغة المصالح رآها البعض مبكرا أنها المتحكمة فى النهاية للحفاظ على الاستمرارية والتواجد، ولم يفطن إليها البعض الآخر فحدث الصدام المتوقع الذى لا يدفع ثمنه فى الغالب سوى أجيال جديدة تمارس مهنة الإعلام فى شكله الجديد.

ومثلما ساد التفاؤل مع بداية «الزواج الجديد»، فهناك مخاوف وشكوك من أن تنتهى العلاقة الزوجية سواء بالفشل أو بالخلع ما لم يصل الطرفان إلى صيغة توافق وكلمة سواء تحقق المعادلة الصعبة فى زواج رأس المال بالإعلام.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة