ما زال فى بلدنا بضعة أشخاص يستيقظ الواحد منهم كل صباح ليسأل نفسه "سأناضل ضد من اليوم" ليشق طريقه بعد ذلك بين جنبات الإنترنت وصفحات الجرائد ليبحث عن خبر يكشف عن مؤامرة ضد دين الله أو رسوله الكريم، لأن الجهاد فى هذه الأمور فرض عين، مازال هناك مواطنون يضعون صورة كاميليا شحاتة وهى ترتدى النقاب على الجدار بالقرب من المرآة حتى يخاطبها كل يوم بعد ارتداء ملابسه قائلاً "تالله لأنصرنك ولو بعد حين".
لماذا يتظاهر هؤلاء لإعادة كاميليا، وإعادتها من أين؟.. ومن الذى سيعيدها؟ أين يعيش هؤلاء الذين يصرون على أن الكنيسة تخفى كاميليا شحاتة وتجبرها على الدين المسيحى، لقد انتهى الأمر منذ أيام ولا يعقل أن يكون الأجانب المهتمون بالحريات الدينية فى مصر قد تأكدوا أن كاميليا كانت ضحية خلاف زوجى وليس عقائدى، وبالتالى لم تقهر أو يتم إخفاؤها، بينما مازلنا نحن نصرخ أمام المساجد لشتم البابا شنودة واتهامه بإجبار الفتيات على التنصر وتهديد الكنيسة بالويل والثبور اذا لم تعرف حجمها الحقيقى فى بلد غالبيته مسلم، متجاهلين أن تلك الغالبية تتحمل مسئولية أى فتنة قادمة قد يشعلها موتور أخذته العزة بالإثم على دينه، أو متطرف استغل عواطف البسطاء ليشعلها نارا لا يطفئها إلا الله.
الاعتقاد الذى يتبادر للذهن هنا هو أن هؤلاء بالتأكيد لا يريدون كاميليا ولا يحزنون، إنما يريدون أن يتذرعوا بها ليهاجموا الكنيسة والبابا، لقد قال أحدهم فى مظاهرة سابقة "إنهم يريدونها حربا طائفية ونحن لها" وهو بذلك لا يعلم أنه تحول من صاحب قضية إلى بوق وأداة يستخدمها المتطرفون للتسخين والفوضى، هؤلاء هم الباحثون عن الفتنة متناسين أن هناك قضايا أولى أن يشغلوا بالهم وأوقاتهم بها، وهى أهم من البحث عن إجابة حول مصير كاميليا، فالفقر والفساد والجهل والتخلف والانحراف الأخلاقى، أثرها أبعد بمراحل من مسيحية أسلمت أو مسلما تنصر، قد يتقمص كثير من هؤلاء دور أمير المؤمنين وهو يسمع امرأة تناديه "وامعتصمااااه" ويتهم غيره بالتخاذل والنكوص والتخلى عن واجب الدفاع عن الإسلام، لقد أثبت هؤلاء أن القاعدة التى تسير بها مصر هذه الأيام، هى أنك إذا أردت أن تميت موضوعا شكل له لجنة، وإذا أردت أن تشعل فتنة فأخرج لها مظاهرة".