ترك الجميع الانتخابات والضمانات وتفرغوا للشعارات، اللجنة العليا للانتخابات أخرجت الإخوان المسلمين، فقد أصروا على شعارهم الغامض "الإسلام هو الحل" لينقلوا الجدل من الحديث عن ضمانات إلى الحديث عن شعارات، ولا يبدو أحد مهتماً بالمواطنين الذين يفترض أن يكونوا الموضوع الرئيس للجدل الانتخابى.
الحزب الوطنى لم يعد مهتماً بإطلاق شعارات، بعد أن استنفد كل الشعارات الممكنة وغير الممكنة، ويضمن لمرشحيه أو أغلبيتهم النجاح، ويكتفى بإطلاق شعارات حول النزاهة، والمنافسة، والكلام الذى بلا جمرك ولا ضرائب.
جماعة الإخوان هى الأخرى وجدتها فرصة للجدل حول شعارها الغامض الذى لا يقول شيئا ويقول كل شىء، وهم يعلمون أن الدين هو أكثر ما يتفق عليه المصريون، لكنهم يتجاهلون أن بشراً يترشحون وليس ملائكة ولا آلهة، وأن من ينجح إنسان ومن يخسر إنسان، والعقيدة لا تكسب ولا تخسر.
الجماعة لوحت بالمقاطعة، لكنها شاركت، والمشاركة كانت أحد مطالب الحزب الوطنى والحكومة، أرادوها زحاماً يسمح بتقديم شكل انتخابى مكتمل، "إيه رأيك فى النظام"؟، وبالتالى فقد ساهمت الجماعة فى تحسين الشكل، ومن حقها أن تشارك فى مسرح الانتخابات، مع باقى الأحزاب، خاصة وأن لديهم أحكام قضائية، بأن شعارهم ليس دينيا، وأنه يتماشى مع الدستور، ثم أن مرشحى الوطنى أو بعضهم يستغل المساجد والكنائس لأغراض انتخابية، الجماعة تجيد اللعب مع الوطنى بقواعده التى أرساها، استكمال الشكل وترك المضمون.
والمواطن هو الآخر من يشغل بال المرشحين، والأصوات يمكن كسبها بالمال أو الشعار، وأحيانا بالرشوة، المباشرة أو المقنعة.
اللجنة العليا للانتخابات هى الأخرى رفعت شعارات، وأعلنت أنها وضعت الضوابط العامة للانتخابات "شطب المرشح المخالف للدعاية وحظر استخدام الشعارات الدينية أو التعرض لحرمة الحياة الخاصة للمرشحين"، وهى أمور يصعب الإمساك بها، فى الزحام، وحتى الحديث عن منع البلطجية وتجار الأصوات، ينسفه وجودهم من اللحظات الأولى، فالانتخابات مصدر رزق لآلاف منهم.
أما تحديد الإنفاق على الدعاية للمرشح بـ200 ألف جنيه، فهو ضابط يصعب الإمساك به، وهناك مرشحون أنفق الواحد منهم عدة ملايين قبل الترشح، ولايمكن إطلاق محاسب خلف كل مرشح، كما يصعب المطالبة بفواتير، وقد يتحول الضابط إلى "هوى" يطبق على البعض دون الآخر، الأمر الذى يجعل الموضوع كله مجرد شعارات تصلح للاستهلاك الإعلامى دون أن تضمن شيئا.
اللجنة طالبت المحافظين بأن يلتزموا ويراقبوا تطبيق قواعد الدعاية، والمحافظون يتبعون الحكومة التى هى حكومة الحزب، ويبقى الحال فى خانة الشعارات.