حتماً ستصاب مثلى بالدهشة والصدمة ولو قليلاً عندما تقرأ آخر تصريحات الدكتور عبد الجليل مصطفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير حول فرض إطار من السرية على تحركات الجمعية فى الشارع، رافضاً الكشف عن خطة عمل الجمعية خلال الفترة المقبلة، زاعماً وجود أجهزة تسعى لمعرفة "ماذا نأكل فى بيوتنا".
تصريحات الدكتور عبد الجليل الغريبة تعد تراجعاً ليس فقط عن أهداف جمعيته، التى تأسست بشكل علنى لتكون بديلاً للمنظومة السياسية، والدليل على ذلك فكرة التوقيعات والتوكيلات التى ابتدعتها الجمعية والتى أساسها العلانية، لأنها تطالب المواطنين بالانضمام والتوقيع على بيانات الجمعية، وأنا أتساءل هل تصريحات عبد الجليل ستنطبق أيضاً على كيفية جمع التوقيعات؟ بمعنى هل ستكون سرية أيضاً؟
وإذا أضفنا إلى ذلك أن الجمعية نفسها تحتاج فى تحركاتها إلى العلانية المطلقة، فالجمعية التى مازالت بعيدة عن نبض الشارع المصرى لا يمكن أن تتحرك بشكل سرى أو مفاجئ تحت بند أن عملها مراقب من كافة الأجهزة، على حد زعم الدكتور عبد الجليل.. والذى ينقل الجمعية من خانة العمل العام إلى العمل السرى، كما كان الحال فى بعض التنظيمات الشيوعية، مثل حدتو أو الحزب الشيوعى المصرى أو الخلايا الأخرى ممن ظلوا لسنوات طويلة يعملون فى سرية كاملة، والنتيجة أن كل هذه الحركات والتنظيمات ذهبت ولم تعد، وتفككت قواعدها ولم يتبقَ منها إلا منشوراتها أو مؤلفات منظريها، فهل يريد د.عبد الجليل أن يكون مصير جمعيته هو نفس مصير هذه التنظيمات التى فقدت تأثيرها نهائياً فى الشارع المصرى.
أخطر ما فى قرار المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير من وجهة نظرى أن الدكتور عبد الجليل يعيد بالعمل السياسى إلى الوراء، خاصة بعد أن ظهرت حركات سياسية جديدة مؤخراً اكتسبت شرعيتها ولقيت تعاطفاً واحتراماً من الجميع، ولم تخشَ أحداً فى هذه التحركات مثل حركة كفاية و6 إبريل وغيرها من الحركات التى تميزت بأنها ابنة الشارع والتحرك العلنى.. ولكن يبدو أن قيادات جمعية التغيير تحاول إيهام البعض أن قراراتها واجتماعاتها وتحرك قياداتها يعد من المحظورات، ولا نعلم بأى طريقة ستتحرك هذه الجمعية السياسية، التى يزعم قادتها أنها أصبحت جمعية شعبية وجماهيرية، فهل تتوافق قرارات الدكتور عبد الجليل مع هذه الجماهيرية؟ وهل يعلم د.عبد الجليل أن جماعة الإخوان المسلمين طلقت منذ سنوات طويلة فكرة العمل السرى وأصبح وجودها فى الشارع شعاراً وحركة أكثر من بعض الأحزاب الشرعية فى مصر.
يا دكتور عبد الجليل صدمتى فى تصريحاتك حول السرية كانت كبيرة، خاصة فى ظل الثورة المعلوماتية الآن، ولا أعرف هل ستستخدم يا دكتور شفرة سرية أيضاً فى نشر بيانات واجتماعات الحركة؟ وهل قرارك الأخير جاء بعد أن شعرت أن أسهم جمعية التغيير انهارت فى الشارع، وهو ما جعلك تحاول استعادة وجودها ببعض القرارات الغريبة، أم أنك تسير على خطى مؤسس الجمعية الدكتور البرادعى الإمام الغائب، كما هو الحال فى فكر الشيعة، الذى اختفى فى ظروف غامضة.. أتمنى يا دكتور عبد الجليل أن تعيد النظر فى قرارك حتى لا تتحول جمعيتك إلى حدتو أو الحزب الشيوعى المصرى أو النضال بالشفرة السرية.
عبد الفتاح عبد المنعم
الجمعية الوطنية للتغيير والنضال على طريقة "حدتو"
الأربعاء، 27 أكتوبر 2010 06:49 م