أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد الدسوقى رشدى

تل أبيب تضرب مصر

الجمعة، 29 أكتوبر 2010 03:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تصدق أبداً ذلك الكلام الخيبان، الذى تردده مؤسسات الدولة وتروج له كل الصحف التى ترعى فى حقولها الرسمية بأن أهل الحكم فى إسرائيل ترتعد أرجلهم وترتجف قلوبهم حينما تأتى سيرة مصر أو أحد مسئوليها.. لا تصدق لأن الحقيقة تقول بأن الطرف الإسرائيلى رغم كل ما يبديه من رغبة فى التعاون والسلام مازال يتلذذ بإهانة كل ما هو مصرى وعربى، وإن كنا هنا فى مصر قد تناسينا بأن إسرائيل هى العدو، فإنهم هناك فى تل أبيب لم يغفلوا عن ذلك أبداً، وإذا كانت تصريحاتهم الرسمية تفيض بالنعومة تجاه مصر وتجاه مسئوليها الكبار، فإن أفعالهم على أرض الواقع تبدو عكس ذلك تماماً، ويظهر فيها تعمد واضح لإهانة كل ما هو مصرى والإساءة إليه.

الصحف الأمريكية والإسرائيلية تنشر قصصاً مختلفة تشوه صورة عبد الناصر وتفتح ملف قتله بالسحر عقاباً على عدائه لإسرائيل، ومحلات الخمور فى تل أبيب تضع صور رموز مصر وفنانيها على زجاجات الخمر رخيصة السعر والثمن، وكل رغبات مصر وسعيها نحو حل الأزمة الفلسطينية لا يلقى من الجانب الإسرائيلى سوى الطناش.. حتى رجال الأعمال الذين ذهبوا إلى تل أبيب بأرجلهم يعملون تحت مظلة الكويز وكوبرى التطبيع لتحقيق مكاسب خيالية لم يسلموا هم أيضاً من إهانات متكررة.

من فترة ليست بالبعيدة كشف رجل أعمال إسرائيلى اسمه دانى روشين عن مجموعة من رجال الأعمال المصريين الذين يقيمون علاقات تجارية مع شركات إسرائيلية قرروا وقف زيارتهم إلى إسرائيل، لا تتخيل أن وقف التعامل هنا اعتراضاً من جانب رجال الأعمال الأفذاذ على سياسة إسرائيل تجاه الإخوة فى فلسطين أو لبنان أو لا سمح الله، لأنهم اكتشفوا فجأة أنهم يصافحون أيدى ملوثة بدماء آبائهم أو أجدادهم ولكن الأمر ببساطة، كما شرحه رجل الأعمال الإسرائيلى والذى نشرته صحف إسرائيلية وأمريكية كان بسبب التعامل المهين الذى يتعرض له رجال أعمال مصريون فى مطار بن جوريون وفى النقاط الحدودية، دانى روشين اليهودى صاحب شركة كيتان للأنسجة، قال "إن ستة من رجال الأعمال المصريين الكبار أخبروه بقرار وقف زيارات العمل إلى إسرائيل بسبب التفتيش المهين الذين يتعرضون له وعمليات الإحتجاز الطويلة التى تتم لهم فى المطارات وعلى النقاط الحدودية بالإضافة إلى انهم يتعرضون لأسئلة مستفزة ومهينة وفحص مذل وغير مناسب لدرجة أن الجنود الإسرائيليين يقومون بجرجرتهم وتحقيرهم بشكل دائم، ووصف روشين هؤلاء الرجال فى رسالته بأنهم رجال أعمال لهم نفوذ هائل وقوة كبرى وتأثير غير محدود فى مصر.

انتهى كلام رجل الأعمال الإسرائيلى وبنظرة بسيطة إلى كلامه وبعد أن تقوم بإحصاء عدد المرات التى ورد فيها ألفاظ من قبيل إهانة وإذلال واحتقار وجرجرة على الأرض وتعامل غير مناسب وتفتيش مهين ومذل.. لك أن تتخيل ما يتعرض له المصريون فى تل أبيب، ولك أن تتخيل مقدار عدام الاحترام الذى تتعامل به الحكومة الإسرائيلية مع مصر ونظامها الرسمى، خاصة أن رجل الأعمال الإسرائيلى قد وصف رجال الأعمال الذين تعرضوا لتلك الإهانة بأنهم من أصحاب القوة والنفوذ فى مصر وبعودة سريعة إلى عام 2005 ستدرك أن معظم رجال الأعمال المتعاملين مع إسرائيل والذين تربطهم علاقات تجارية بتل أبيب هم للصدفة ولمحاسن الصدف أعضاء فى لجنة السياسات أو على الأقل من ضمن ركاب سفينة نجل الرئيس فقد شهد ت الأعوام السابقة زيارات معلنة لبعض الأشخاص على رأسهم رجل الأعمال المعروف جلال الزوربا الذى قام بزيارة إسرائيل فى شهر يونيو 2005 مع وفد ضم السفير المصرى حسن عيسى الذى كان مديرا لإدارة ملف إسرائيل بوزراة الخارجية سنة 1986 ومشاركا فى المفاوضات المصرية الإسرائيلية حول طابا، كما ضم الوفد وقتها مجموعة من رجال الأعمال المصريين والأكاديمين التابعين للحزب الوطنى وشاركوا وقتها فى مؤتمر عنوانه تطوير العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل تحت رعاية جامعة تل أبيب ومركز بيريس لأبحاث السلام والغريب ان تلك الزيارة قد شهدت هى الأخرى حالة من الإهانة الواضحة لمصر دولة ونظاما حينما نشرت جريدة معاريف وقتها تقريرا لمركز بيريس يدعو إسرائيل إلى استغلال الفرصة والقيام بترويض النظام المصرى فى ظل حاجة قيادته السياسية إلى حليف دولى يدعمه فى مواجهة الولايات المتحدة وأشار تقرير المعهد أيضا إلى أن لجنة السياسات بقيادةجمال مبارك أصبحت تؤمن بأن إسرائيل هى طريقها السحرى للمرور على البساط الأمريكى الممهد والحصول على رضا البيت الأبيض بدون عوائق، كما أن رجال الأعمال المنتمين للجنة السياسات يؤمنون أيضاً بأن إنقاذ الاقتصاد المصرى لن يتم إلا عبر إسرائيل.

الغريب فى الأمر، أن أغلب تقارير الصحف الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضى تتحدث عن سعى مصرى لتطويق العلاقة مع تل أبيب بمزيد من الأمان والصداقة، مشيرة إلى أن هذا هو ماكان يحدث دائماً خلال السنوات الماضية أى أن مصر هى التى كانت تسعى لرفع مستوى التعامل التجارى مع تل أبيب ولتوقيع اتفاقية الكويز، وهو الشىء الذى حاولت الحكومة أن تقوم بنفيه كثيراً خوفاً من الغضب الشعبى بالترويج إلى أنها وقعت هذه الاتفاقية تحت ضغوط وهو الشىء غير الصحيح تماماً، لأنه طبقا للتصريحات التى وردت على لسان المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية ماجد عبد الفتاح فى الصفحة الاولى لجريدة الأهرام يوم 15 ديسمبر 2004 فإن محادثات اتفاقية الكويز جاءت قبل 8 أشهر من توقيعها بمبادرة رجال أعمال مصريين سافروا إلى إسرائيل من اجل طرح مشروع الإتفاقية على حكومتها.

هذه الأحداث والوقائع لا تحتاج لتعليق يقول بان مصر تلهث بشدة خلف الصداقة الإسرائيلية ولا تحتاج أن نقول أن هذا الخضوع نتيجته الطبيعية هذه الطريقة المهينة فى التعامل سواء تلك التى ظهرت فى قضية الأسرى أو الجنود القتلى على الحدود أو حتى فى أزمة رجال الاعمال الذى تم جرجرتهم على الارض فى مطار بن جوريون وهذه الحالة من الجرى خلف إسرائيل تفسر ببساطة طبيعية الصمت المصرى تجاه هذا الكم من الإهانات وتفسر ببساطة ترفع اسرائيل عن تقديم أى اعتذار لمصر عن أخطائها القاتلة على الحدود أو أثامها التى ارتكبتها فى حق الأسرى المصريين الذين تقفز عظامهم إلى السطح كلما حفرنا فى أرض سيناء.

هذه الإهانة التى تعرض لها رجال أعمال مصريون من أصحاب النفوذ فى الحكم ليست الأولى، ففى تقرير لوزارة الخارجية الإسرائيلية منشور على موقعها الإلكترونى ضمن تقاريرها الرسمية وجهت إسرائيل لمصر إهانة دولية تمثلت فى حالة من المعايرة والرغبة فى إثبات حقيقة للعالم الغربى والعربى تقول إن إسرائيل تمن على مصر وتعطف على أوضاعها الاقتصادية وتساهم فى إطعام شعبها "الجوعان"، حسب ما جاء فى التقرير الذى يقول إن مصر وبفضل إتفاقيات التعاون مع إسرائيل تحصل على المزيد من المكاسب الاقتصادية التى تخفف معاناتها وأشارت إلى بحث أجرته مجموعة (bdi ) بشأن مساهمة إسرائيل فى الاقتصاد المصرى والأردنى والذى جاءت نتيجيته بأن إسرائيل تساهم فى الاقتصاد المصرى بمقدار 643 مليون دولار هو حجم الصادرات المصرية لإسرائيل، بالإضافة إلى 655 شركة سمحت لها إسرائيل بالحصول على تصاريح عمل ضمن اتفاقية الكويز وبالطبع هذه الشركات أنقذت شباب مصر من البطالة وفتحت بيوت كانت لا تجد قوت يومها وطبقا للتفسير الإسرائيلى السائد فى التقرير، فإن الدولة العبرية تفتخر أمام العالم بأن صدقتها الجارية للشعب المصرية تصل سنوية إلى ما يفوق النصف مليار دولار، بالإضافة إلى البيوت المفتوحة بسبب الرضا الإسرائيلى عن مصر.. فهل ينقذ كرامة الناس أحد من أعضاء الحكومة الموقرة ويقول لنا إننا لا نأكل ولا نعيش بأموال إسرائيل وأننا لا نحصل على هذه الأموال مقابل صمتنا على ما يدور فى المنطقة؟

وحتى تكتمل المهزلة وتكتمل صياغة الإهانة الإسرائيلى لمصر ولشعبها بالشكل المناسب تعالى نعود إلى حوار أجرته قناة العربية مع الجاسوس الإسرائيلى عزام عزام فى برنامج العين الثالثة والذى تحدث فيه عزام بفضائح كثيرة تحتاج للرد والتوضيح من جانب حكومتنا المصرية فقد كشف عزام فى حواره عن عمال مصريين يسافرون إلى إسرائيل بانتظام للتدريب كان من ضمنهم على سبيل المثال عماد عبد الحميد إسماعيل الذى تم إتهامه معه فى نفس قضية التجسس (يعنى العمال بيروحوا يتدربوا على التجسس مش الصناعة) هذا بخلاف الخبراء الذين ترسلهم إسرائيل إلى مصر من أجل تدريب العمال وأنه هو نفسه أى عزام عزام كان مرسل من قبل مصنع "تفرون" الإسرائيلى من أجل تدريب عمال مصريين على ماكينات التشغيل الجديدة.

ولم ينسَ أن يذكر عزام عزام الخلافات والصفقات والتلاعب الذى كان يدور بين رجال الاعمال المصريين وبعضهم من أجل الحصول على الصفقات الإسرائيلية لدرجة أنهم كانوا يتهمون بعضهم بالتجسس والعمل لصالح الموساد كما لم ينسى أن يذكرنا بان الكثير من العمال ورجال الأعمال المصريين تم التعامل معهم بشكل مهين ولم يعترضوا ولم تعترض حكومتهم من أجلهم ولذلك فإن عزام قال بثقة انا فخور بدولة إسرائيل لأنها لم تسمح بإهانتى فخوربتل أبيب، لأنها تهتم بالمواطن الإسرائيلى البسيط بعكس مصر الذى تركت أبناؤها ورجال سلطتها يعانون فى إسرائيل وفخور بأننى أنتمى لدولة اختار حاكمها بنفسى وأنا على يقين من أنه لن يبقى حتى يموت.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة