لابد أن يصاب الشخص الطبيعى بالصدمة العاطفية عندما يعلم أن لجنة مبادرة السلام العربية اتخذت قرارا بوقف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل فى ظل استمرار الاستيطان. أنه يستمع إلى هذا الكلام للمرة المائة، ولجنة المبادرة، كما نعلم، تشكلت منذ حوالى 10 سنوات على خلفية المبادرة السعودية والتى تم تفعيلها فى قمة بيروت. وتم تشكيل لجنة دائمة لرعاية المبادرة.
والرباعية الدولية تكونت بعد الإعلان عن المرحومة "خارطة الطريق"، ويتكون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وروسيا، استنادا على "رؤية دبليو بوش" فى يونيو 2002. و"خارطة الطريق" كانت تتحدث عن تسوية سلمية على ثلاث مراحل، تنتهى بإقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005. ومرت 2005 وبعدها خمس سنوات ولم تتحرك القضية خطوة وما يزال الحديث عن وقف الاستيطان.
كانت أمريكا بوش وإسرائيل شارون تطلبان إزاحة الرئيس عرفات، لكن الجامعة العربية رفضت وأبت وأعلنت أن الشعب الفلسطينى يختار قائده، اختفت خارطة الطريق، ورحل الرئيس عرفات وجاء الرئيس أبو مازن، ودخل شارون فى غيبوبة وتغير جورج دبليو بوش وجاء أوباما، ورحل من رحل من الزعماء العرب وتولى من تولى وما تزال اللجنة العربية للمبادرة تتحدث عن تهديد بوقف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وكأننا لم نعقد قمما دورية وطارئة واجتماعات تشاورية ولقاءات ثنائية، وما يزال جورج ميتشيل هو المبعوث الأمريكى للسلام، مع اأنه كان مبعوث الرئيس الأسبق كلينتون الذى تتولى زوجته هيلارى وزارة الخارجية. وكأننا بعد عشر سنوات نعود للنقطة صفر.
المصطلحات نفسها.. العرب أعلنوا أن السلام خيار إستراتيجى، لكن هذا الخيار لم يصل إلى إسرائيل التى اعتادت أن ترد على كل خيار عربى بخيار استيطانى.
الرئيس الفلسطينى "أبو مازن" يؤكد عدم التزام إسرائيل، والرئيس الأمريكى باراك أوباما وعد ببذل جهوده لدفع عملية السلام. وبعد قمة استثنائية فى سرت نتوقع بيانا يعلن عن التهديد بوقف المباحثات المباشرة، مع التأكيد على الخيار الإستراتيجى ودعوة الولايات المتحدة للقيام بدورها فى دعم عملية السلام ومخاطبة إسرائيل بوقف الاستيطان، وهى الخطوات نفسها التى تجعل العرب وكأنهم يبحثون عن التفاوض أكثر مما يبحثون عن السلام، ويختلفون مع بعضهم أكثر مما يختلفون مع إسرائيل.
والنتيجة اليوم هى النتيجة من عشر سنوات "السلام خيار إستراتيجى.. تجديد المبادرة السعودية، تفعيل الاتفاقيات العربية وتدعيم العمل العربى المشترك، وتنعيم الخشونة الثنائية، ودعم التربيع المستطيل للعلاقات الإنسانية المنسابة بين الأقطار العربية. مع ضرورة مواجهة كل ما يواجه الأمة العربية من تحديات إنشاء هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات، ولجنة متابعة تتابع عمل هيئة المتابعة، وكأنك يأبو مازن ما رحت ولا جيت".