لم يتبق سوى أيام على انتخابات مجلس الشعب والكل ينتظر ما سوف تسفر عنه «المعركة».. الحكومة على المحك من خلال 9 وزراء يخوضون غمار الانتخابات فى 8 محافظات.. ربع مجلس الوزراء يواجه منافسة شرسة فى بعض الدوائر والسقوط معناه فشل ضمنى لشعبية حكومة الدكتور نظيف فى الشارع وفوز الوزراء التسعة فى انتخابات نزيهة معناه أحقية هؤلاء فى تمثيل الشعب فى الحكومة والبرلمان.
الحزب الوطنى أيضاً أمام تحد كبير فى إثبات قدرته على إخراج سيناريو الانتخابات بصورة مقبولة يتفق فيها غالبية المرشحين على الشفافية والنزاهة فى عملية التصويت ليعكس الثقة التى يتحدث بها للرأى العام بقدرته على الفوز بغالبية المقاعد وعدم منح الفرصة للمنافسين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين من تكرار سيناريو انتخابات 2005.
الحزب الحاكم استطاع أن يحقق نجاحاً لافتاً فى عملية اختيار مرشحيه من خلال المجمعات الانتخابية التى حكمتها معايير اتفق عليها الجميع رغم غضب البعض منها، لكنه نجح فى عملية الاختيار وقدم وجوها حزبية جديدة ودفع بالوزراء فى مخاطرة كبيرة يراهن فيها على سمعته كحزب حاكم. واستفاد من العمل التنظيمى الذى مارسته المعارضة والإخوان فى الدورات الانتخابية السابقة وقدمت رموزه درساً فى المناورات السياسية ربما للمرة الأولى فى انتخابات برلمانية.
ما حدث قد يعطى ولو بصيصا من الأمل فى أن يلتزم الحزب الوطنى بعهوده ووعوده بالشفافية والنزاهة بعيداً عن ممارسات التزوير والبلطجة ويثبت أنه يفوز بالممارسة السليمة فى انتخابات ديمقراطية أو حتى شبه ديمقراطية الاحتكام فيها للصندوق الانتخابى وليس للتزوير وإرهاب المنافسين واللجوء للبلطجة والممارسات المعتادة منه طوال الانتخابات السابقة.
قدرة الحزب الحاكم على حسم الانتخابات بأسلوب ديمقراطى وبالاعتماد على مرشحين لهم شعبية ولديهم القدرة على خدمة الناس قد يمنحه بعضاً من الثقة الضائعة والمفقودة ويثبت عمليا أنه «حزب الأغلبية» و«العضوية الكاسحة»، أما إذا حدث العكس فلن يأتى بجديد وسيؤكد المخاوف المزمنة ويرسخ استحالة تطبيق الديمقراطية السلمية مع وجوده على رأس السلطة.
لا نتمنى أن يتحقق فى الانتخابات المقبلة ما يشاع فى الشارع منذ بدء الاستعداد للانتخابات وهو أن الغرض من «العملية» برمتها هو القضاء على مساحة تواجد جماعة الإخوان فى البرلمان القادم عبر «صفقات» انتخابية مع قوى سياسية بديلة تمهيداً لسيناريو قادم يخطط له الحزب الوطنى ورجالاته، فمستقبل مصر ليس محلا لتجاذب فى لعبة القط والفأر السخيفة بين الحزب والجماعة، فهذا استخفاف بقدرة المصريين على اختيار من يمثلهم من المصريين فى برلمان ديمقراطى يعبر عن حلمهم وطموحهم فى ديمقراطية سياسية حقيقية تمثل خطوة أساسية فى التغيير الديمقراطى الشامل ويعكس التوجهات والأفكار السياسية المختلفة.
أوهام بعض رجالات الحزب الوطنى بأن «المعركة» الانتخابية القادمة هى معركة ثنائية مع الإخوان هو تقويض للحياة السياسية والحزبية واعتراف بفشل التجربة، لأن مصر أكبر بكثير من «الحزب» و«الجماعة».