كان يوم الثلاثاء الماضى (26 أكتوبر) يوما فريدا فى تاريخ الصحافة والثقافة فى مصر، ومن الممكن لو خلصت النوايا أن نجعله عيدا سنويا للعبث، ونترك المسرحيين يحتفلون به كل على طريقتهم، سمير العصفورى مثلا إذا أراد فلن يحتاج إلى نص اليونسكو لكى يعبر عن شفافية اللحظة وتوهجها فى«العكارة»، ولن يحتاج إلى مجموعات وأقواس وديكورات كثيرة لكى يخرج ما حدث بالفعل فى شارع شجرة الدر بالزمالك، كل ما عليه هو قراءة صحف اليوم التاريخى، السيد وزير الثقافة قال لمحررة «الشروق» «إن اللقاء كان مثمرا ولطيفا، وعاطفيا أيضا»، وقال لمحررة «المصرى اليوم» «إنه يستقبل شعلان باعتباره عضوا مهما فى وزارة الثقافة وفنانا أيضا»، الصحيفة الأولى قالت إن اللقاء استمر ساعة، والثانية قالت ساعة إلا ربعا، شعلان صرح بأنه «لم نكن نحتاج مبادرات.. أنا ابن الوزارة وحسنى هو القائد (يقصد فاروق)، وأنظر إلى ما حدث بخيال الفنان، وأراها حربا (اتخبطنا فيها احنا الاتنين)، ولابد من لم الشمل»، «الوفد» اعتبرت اللقاء التاريخى ثمرة الحوار الذى نشرته قبله بيومين وناشدت فيه ابنة المتهم محسن شعلان الوزير بمراعاة والدها، محررة «روز اليوسف» قالت «زهرة الخشخاش ضاعت.. لكن المياه عادت لمجاريها»، وتجاهلت اسم خيرى رمضان الذى صفى النفوس جسديا ورتب للقاء، العصفورى (أو غيره) سيكون فى ورطة وهو يمهد ويؤهل الجمهور للحدث، لأنه مطالب أولا أن يخبرنا أن لوحة عظيمة سرقت فى عز الظهيرة فى بلد آمن ويوجد به قانون، لن يطالبه أحد بالكشف عن سعرها، ولا كيف سرقت ولكنه مطالب بأن يبرز كلام الرجلين الفنانين فى بداية الأزمة، شعلان قال إن الوزير هو المتهم الأول، لأنه لم يهتم بمراسلاته التى طالبه فيها بإلحاح اعتماد ما يلزم لإصلاح نظام المراقبة، وفضل إنفاق أموال الدولة على حملته الفاشلة كمرشح لإدارة اليونسكو، والوزير رد«احنا شايلين عنه بلاوى كتيرة.. وحاجزين عنه الكثير من الاتهامات»، ولكى يمر العرض من الرقابة ليس مطلوبا التأكيد على أن هذا الكلام تستر على الفساد يعرض قائله للمساءلة، وعلى المخرج أيضا إظهار رأى الوزير الفنان فى سارق لوحة فان جوخ الذى وصفه بأنه جاهل لأنه ترك لوحات أخرى لمونيه وجوجان أقيم منها، وهى نصيحة ربما يستفيد منها السارق نفسه فى المستقبل، ورأى شعلان فى اللوحة أنها «زبالة»، ولا أعرف كيف سيتم حل معضلة تعيين الوزير للمتهم مستشارا فئة «أ»، لأن العرض قد لا يحتمل كلاما قانونيا جادا ورصينا، كالذى قيل عن عدم قانونية القرار، لأن المتهم تمت إدانته وقصر فى أداء واجبه، وستكتمل خيوط العرض العبثى برفض شعلان المنصب الجيد، لحين نظر الاستئناف فى 9 ديسمير المقبل، ورد الوزير ببيان رسمى يفيد بأن الوظيفة الجديدة ليس لها سلطات إدارية إلى أن ينظر الاستئناف فى قضيته، وتمنيات الوزير لشعلان بالبراءة، ويستطيع العرض رغم كراهيتى للفلاش باك أن يعود بنا إلى الوراء قليلا، لأنه فى النهاية سيتم الاعتماد على حيثيات الحكم ببراءة مصطفى علوى فى قضية حريق بنى سويف.. والتى راح فيها 55 من خيرة المسرحيين الشرفاء، لكى تتم تبرئة المتسبب فى ضياع «زهرة الخشخاش».. وبعد ضياع الضمير فى المحروسة. > >