كريم عبد السلام

ظهور الحسين وغياب المجتمع

الجمعة، 10 ديسمبر 2010 01:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحب التقليل من اعتقاد فئة من الناس، أيا كان ما يعتقدون فيه، ما دام الأمر فى إطار العلاقة بين الفرد وخالقه، لكن عندما يتحول موضوع الاعتقاد إلى نوع من الاستعراض، الغرض منه إلهاء الناس وإبعادهم عن القضايا الحقيقية المؤثرة فى حياتهم، هنا لابد من التنبيه والتحذير وكشف ألاعيب الإلهاء.

أقول ذلك بمناسبة ما راج بين المحتفلين من المنتمين للطرق الصوفية بمقدم السنة الهجرية الجديدة، من ظهور الإمام الحسين بن على رضى الله عنهما فى باحة مسجده بحى الأزهر، عندما انقطع التيار الكهربائى لمدة 5 دقائق، لماذا فكر من أطلق تلك الشائعة بظهور الإمام الحسين؟ وما فائدة ظهوره الصامت لثوان أو لدقائق، هذا إن كان ظهر فعلا؟ ولماذا لم يتجه تفكير المحتفلين الذين صدقوا الشائعة إلى انتقاد وزارة الكهرباء على الانقطاع المتكرر للتيار مثلا؟ أو انتهزوا فرصة انقطاع التيار فى هذه المناسبة الدينية ليتناولوا مسألة ارتفاع فواتير الكهرباء بصورة مبالغ فيها، دون مقابل من الخدمة التى تبرر ارتفاع الفواتير بدلا من اتجاههم للحلم بظهور الحسين؟

هناك نوعان من التفكير، التفكير الغيبى الهروبى الذى يرحّل قضايانا الأكثر إلحاحا إلى ما شاء الله، رغم اكتواء هؤلاء الهاربين من آثار سلبيتهم باستمرار أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية دون المستوى، أما النوع الثانى من التفكير فهو التفكير العلمى الذى يرد النتائج إلى أسباب ومعطيات محددة، ويعتمد المنهج العلمى كأساس للحياة.

الطريقة الأولى من التفكير هى قرينة الاستبداد والفساد والفقر، لن تجد مجتمعا يهرب من قضاياه الأساسية ويطلب الفارس الخارق الذى يتصدى لها نيابة عن المؤسسات، إلا مجتمعاً فاشلاً متخلفاً، ولن تصادف شعبا اعتمد المنهج العلمى فى حل مشكلاته إلا وتقدم خطوات إلى الأمام، وأمامنا الشعوب والأمم التى بدأت نهضتها الحديثة معنا، كوريا الجنوبية والهند ومن بعدهما ماليزيا وسنغافورة، ومن يراجع تاريخ تلك الدول المتقدمة والغنية حاليا فسيجد أنها كان متخلفة عنا إلى وقت قريب.

أحترم جميع المنتمين للطرق الصوفية، وأعرف حبهم لآل البيت، لكن ظهور الحسين لن يصلح حياتنا السياسية، ولن يواجه الفساد، ولن يقلل من نسبة الفقر والبطالة، ولن يرحمنا من وزراء من عينة محمد عثمان وعلى المصيلحى، لابد من ظهورنا نحن الهاربين من حياتنا إلى فراغ بلا اسم ولا معنى، لابد من ظهورنا الفاعل لتغيير حياتنا إلى الأفضل، حتى لو كان هدفنا مجرد تنظيف الشوارع من القمامة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة