يسرى الفخرانى

مصرى محبط.. هل تسمعنى

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010 03:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال لى أحمد السقا أنه محبط للغاية، أحمد عمره اليوم 37 سنة، وهو ممثل مصرى مهم وناجح وموهوب ولديه الكثير من الأفكار يمكن أن يقدمها.. هذا الاعتراف الصادق من شاب يلمس النجاح دون أن يحتويه بشكل حقيقى، يفسر حالة عامة كلنا جزء منها، كلنا نعيشها وكلنا أيضا نشارك فى بقائها واستمرارها.

الإحباط اليوم يشمل كل المواهب ويشمل كل الطبقات الاجتماعية وكل المهن، لا مفر، مجرد أن يفتح باب حوار بين اثنين فى مناسبة ما، يجر الكلام بعضه إلى حالة الإحباط التى يشعر بها أحدهما فيشاركه الثانى، نبدو الآن مثل لوحة الموناليزا الشهيرة التى توحى لك بالحزن إذا رأيتها من زاوية معينة، وتمنحك إحساسا بالفرح أو الأمل أو الثقة إذا نظرت لها من زاويا أخرى، وتلك عبقرية الصورة، وعبقرية المواطن المصرى فى كل الأزمنة والعصور، بالمناسبة، له أكثر من زاوية لكل واحدة معنى مختلف عن غيره، ملمس الحزن العميق الذى يغطى وجوهنا منذ فترة مثل سماء ملبدة بغيوم رمادية كثيفة أقرب إلى الأسود.. تخفى فى الوقت ذاته مساحة أمل لا بأس بها فى حياة اليوم التالى، العيون التى تحمل أسئلة كثيرة غامضة هى نفسها التى تخفى إجابات سهلة لكل سؤال صعب.

السقا محبط، وأداعبه، بأن السقا يجب أن يكون دائما الأمل لأنه هو الذى يحمل الماء عن شوق وبعد عطش، لكنه محبط وغاضب وساكت ويكاد يصرخ أو لعله فعلها، وأقول له لست وحدك، ففى الطقس السياسى عواصف ترابية تمنع الرؤية وتخفى الألون من أى حلم، وتفسيرى الشخصى لما نعيشه هو أن كل شىء فى حياتنا اليوم أصبح مختصرا، لا شىء نمارسه للعمق فى تفاصيل أيامنا: العمل والسياسة والغضب والحب والصداقة والعلاقات الإنسانية.. حتى الحزن والفرح كلاهما لا يصل إلى العمق، أغانينا وأفلامنا، دروس التلاميذ فى المدارس، النوم وإجازة آخر الأسبوع وصلاتنا إلى الله ودعاؤنا إليه، كل التفاصيل ينقصها إبداع ومتعة الحقيقة والإخلاص والجذور والبساطة.

أصبح الشباب يبدأ إحباطه مبكرا بسبب مجتمع كامل لا يعطيه الفرصة للاختيار والتفكير والقرار والتنفيذ، والشباب الآن يفضلونها «إحباط، وكول، وكبر دماغك وماشية»، حتى إنه تقريبا لم يعد يشكو، وقمة الخطر أن تتبلد المشاعر وتتبدل من إحساس إلى «طظ»، والرغبة فى النجاح والتغيير والتميز إلى «طير إنت».

وأنا أقول دائما لكل من يسألنى حلا، نصيحة أن يضع يده على الربع متر الذى يعيش فيه ويعلن نفسه رئيسا لجمهورية نفسه، فيصلح حال الربع متر ويجعله نظيفا وصالحا وأن يغير من نفسه بالتعليم أفضل ألف مرة من الانتظار والشكوى أو من البلادة!
ربع مترك هو حياتك الذى يمكن أن ينقذ كل حياتنا، وأعتذر للسقا إن اقتبست عنه حاله.. لكن ياصديقى: حالنا وحال الدنيا، ويجب أن نفعل المستحيل من أجل أن تصبح حياتنا أفضل، لن نموت أبدا ونحن على قيد الحياة.. ولن تمضى حياتنا دون أن نصنع منها وفيها ما يجب تماما أن نفعله ولو كره كل أصحاب المصالح ذلك.. وهم أكثر من الهم على القلب بالمناسبة. > >









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة