فى مثل هذه الأيام السنة اللى فاتت كانت أزمة أنابيب البوتاجاز بدأت وانتشرت الطوابير وقامت حروب فى أنحاء الأقاليم للفوز بأنبوبة. وسقط قتلى وجرحى، وكانت تصريحات المسئولين فى وزارات التضامن والبترول عن الشتاء والبرد ومزارع الفرخ التى تستهلك أنابيب أكثر للتدفئة. ويومها قلنا إنها الحرب العاشرة للبوتاجاز، على اعتبار أننا ظللنا طوال عشر سنوات نواجه نفس الأزمة، ونسمع نفس التبريرات، بعض السادة المسئولين قالوا إن سبب أزمة الأنابيب أن الشركات لم تورد الغاز وهو أمر اتضح أنه لا وجود له .. وجدنا من يتهم مزارع الفراخ بالتسبب فى أزمة أنابيب البوتاجاز، ويفترض أن يتم توفير غاز التدفئة للمزارع أو تفكر وزارة البترول فى توصيل الغاز للمزارع للتدفئة، أو الطاقة الشمسية.
العام الماضى أعلنت وزارتا البترول والتضامن أنه سيتم مضاعفة الإنتاج من الأنابيب حتى لا تتكرر الأزمة لكن جاء العام الحالى وفى الشتاء بدأت الأزمة وبدأنا نسمع نفس التصريحات بما يعنى أنه لم يتم تنفيذ التصريحات والوعود وتوفير الأنابيب. لكن شيئا من هذا لم يحدث.
الأزمة الأساسية أن المعروض من أنابيب البوتاجاز أقل من الطلب بكثير، فى وقت يتضاعف فيه الطلب بسبب البرد. الأمر الثانى هو عدم الفصل بين الأنابيب التجارية والمنزلية. وأن الغاز المعبأ فى الأسطوانات هو غاز صناعى، وليس الغاز الطبيعى المتوفر فى مصر. ومعروف أن أغلب الدول العربية والخليجية تستخدم أسطوانات يمكنها استقبال الغاز الطبيعى، وهو ما يمكن أن يوفر تكاليف التصنيع وكميات الغاز. ويمكن للغاز الطبيعى أن يحل أزمة البوتاجاز السنوية، وهو يحتاج إنتاج أنابيب الغاز الطبيعى، أو مد الغاز الطبيعى إلى المزارع والمصانع حتى يمكن توفير ما تستهلكه من أنابيب على حساب المستهلك العادى.
المشكلة ليست فى الغاز ولا فى المزارع ولا الفراخ لكنها غالبا فى العقول التى فى الرؤوس، وفى مواجهة المشكلات بالترحيل دون البحث عن حل ينهيها. واستمرار المسئولية تائهة بين وزارتى التضامن والبترول، والتصريحات التى تصدر من الطرفين يحاول كل طرف فيها أن يخلى مسئوليته، بينما الحرب مشتعلة.
وما يجرى فى الأنابيب والبوتاجاز يحدث فى سقوط المنازل وانسداد البلاعات مع المطر. ولهذا أصبحنا نؤرخ لكل أزمة بمواعيدها، وكل مشكلة تأتى فى موعدها بدون تقديم أو تأخير. فهل يمكن أن نثق فى قدرة حكومة الأنابيب على حل مشكلات أكبر؟.