كلما تمادى أهل السلطة فى السير بتلك "الأستيكة" القمعية لشطب أجزاء من هامش الحرية الذى تعانى مصر من ضيق فى التنفس بسبب ضآلة حجمه وضيق اتساعه على بلد بحجم وتاريخ هذا الوطن، كلما اشتد غضب الناس داخل صدورهم وأصبحوا على استعداد للسير وراء أى شخص طالما كان يرفع شعار التغيير..
وفى الاتجاه المعاكس لتمادى الدولة الذى يصنع تلك الحالة الاعتراضية، يتمادى الدكتور محمد البرادعى، بل يتفنن، فى ابتكار ما يحبط المصريين من تصريحات أو تصرفات، يطير إلى الخارج بالأسابيع ثم يعود ليتحدث إلى الناس من خلف "تويتر"، يدعو إلى العصيان المدنى مرة ثم يهيل التراب على تلك الدعوة بتصريح آخر من نوعية "أنا مستعد لقيادة السفينة ولكن أين ركابها" وكأن الثمانين مليون مصرى أو نصفهم على الأقل لا يملأون عين سيادته، أنا لا ألوم الرجل، فطبيعة أهل المحروسة التى اعتادت أن تستقبل بعض من فيهم الأمل استقبال الأبطال خدرت الرجل وجعلته ينظر لمرآة حجرة نومه كل صباح على أنه "سوبرمان" وأمير قلوب مشتاقى الحرية والتغيير، الدكتور يحتاج إلى قرصة حتى يفيق من هذا الحلم ولا تغضب منى إذا قلت لك إن صاحب نوبل لم يكن يحلم بأفضل مما هو فيه الآن بعد التقاعد..
سترى الآن أننى كاتب حكومى "مزقوق" يهاجم رمز التغيير وحلم المستقبل، عموما أنا أفضل هذا الاتهام عن السير خلف رجل يغتال نفسه بنفسه دون أن يشعر بأنه يغتال أيضا أحلام الملايين بخطواته غير الواضحة وتصريحاته التى يخلى فيها مسؤليته عن أى شىء دائما.
هذه هى محاولة الاغتيال الحقيقية التى يتعرض لها البرادعى الآن، أما تلك "الهلفطة" التى وردت على لسان الشيخ محمود عامر، الداعية السلفى الشهير والتابع لأنصار السنة المحمدية فى البحيرة، والتى أباح من خلالها قتل البرادعى، لأنه خرج عن ولى الأمر ودعا للعصيان المدنى فخطرها على الدكتور أقل بكثير من خطر الدكتور على نفسه، وعلى أحلام الناس، فالشيخ عامر داعية مغمور ونموذج لكيفية إهانة الإسلام على أيدى رجاله أو ممن جعلناهم رجاله لمجرد امتلاكهم لحية طويلة وسواك يطل من جيب الجلباب الشمال أو منصبا فى جماعة دينية، ومن هذا الشيخ عامر اعتدنا أن يقدم فروض الطاعة وأن يلوى عنق الأحاديث والآيات لخدمة النظام وأهله فهو أول من حلل التوريث دينيا وأول من كفر المتظاهرين، والشيخ عامر فى ذلك لا يختلف كثيرا عن بعض شيوخ السلفية والأزهر ودعاة المساجد الذين لم تدفعهم تعاليم الإسلام الذين يتشددون فى إلقائها علينا من خلال الفضائيات وشرائط الكاسيت إلى قول كلمات الحق فى وجه السلاطين الجائرة، بل وجدنا بعضهم، وتحديداً الشيخ حسان، يحتضن رموز الحزب الوطنى فى جنازة مصطفى السلاب، وبعضهم مثل هذا المسمى بالشيخ محمد عبد المقصود، إمام مسجد الحسين، يقول بما هو ليس حق ويقسم بالله أن مصر كلها تميل بالفطرة للحزب الوطنى لأن مبادئ الحزب إسلامية، ثم رفض الشيخ الجهبذ استنكار الناس لعمله كرجل دين فى السياسة، مؤكداً بسذاجة ودون أن يدرى أنه يخالف تعاليم حزبه الذى يعتبر أن خلط الإخوان للدين بالسياسة جريمة كبرى، وقال إن من يعتقد أن الدين لا علاقة له بالسياسة خاطئ لأن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان رجل سياسة ورجل دين.. بالمناسبة الشيخ الفصيح نائب عن الحزب الوطنى، فهل هناك استغلال وتشويه للدين أكثر من ذلك؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة