من يتذكر مرحلة ما قبل خروج الحزب الناصرى إلى الحياة السياسية بحكم قضائى عام 1992، لا يتصور أبدا أن يكون حال الحزب كما هو عليه الآن.. فقير فى تواجده، وغير ملهم لأعضاء جدد حتى لو كانوا من الناصريين، ومع الاحترام الكامل لكل الأطراف التى تتصارع الآن من أجل قيادة الحزب، أقول إنهم ساهموا جميعا فى الوصول به إلى حالته البائسة، وأول المسؤولين عن ذلك، كان ضياء الدين داود نفسه شفاه الله، صحيح أن الرجل ظل على عهده فى نزاهته السياسية، ودخل السجن ثمنا لمواقفه، لكنه كان أول المسؤولين عما حدث للحزب من كوارث، فهو أول من استخدم سلاح تجميد القيادات الذى استخدمه أحمد حسن أمين عام الحزب منذ أيام بقرار تجميد سامح عاشور ومحمد أبوالعلا نائبى رئيس الحزب، وتوحيد البنهاوى عضو المكتب السياسى.
بدأ الحزب فى عده التنازلى إلى الضعف والخراب، حين أصدر ضياء الدين داود وبموافقة من المتصارعين الآن، قرارا بتجميد عضوية أربعة من قيادات الحزب، وهم حمدين صباحى، وأمين إسكندر، وصلاح الدسوقى، وعلى عبدالحميد، ووصل الأمر وقتها إلى تأويل نصوص اللائحة وحشد العضوية لصالح هذا القرار، ولا أنسى ورقة وقعت عينى عليها وقتها، كان يتم تمريرها بين أعضاء لجان الحزب فى المحافظات لتأييد القرار ،وفوجئت بالبعض يكتب أبياتا من القصيدة الخالدة للشاعر أمل دنقل «لا تصالح» وعليها توقيعهم، فإلى هذا الحد كانت التعبئة تتم لتخريب الحزب.
كان قرار التجميد بداية لمسلسل النزيف الذى تمثل فى ترك عشرات القيادات للحزب، ومضى فى مصيره دون خيال من القيادات التى بقيت ولخصت مقره فى مجرد حجرات بلا بشر، وكل يوم كان يودع الحزب شخصية بارزة، لم يكن الأمر يشغل بال الباقين المستفيدين، بل كان بعضهم تنزل عليه السعادة الغامرة لأن خروج كفاءة يعنى بقاء عالة ستشغل مكانه.
من يصدق أن المؤتمر الذى تم عقده فى نقابة الصحفيين بعد أسبوعين من حكم المحكمة عام 1992، كان يحضره من كبار الصحفيين الراحلين العظماء كامل زهيرى ومحمد عودة ويوسف الشريف، ومن الأدباء جمال الغيطانى ويوسف القعيد، وأسامة أنور عكاشة ومحفوظ عبدالرحمن، ومن الفنانين صلاح السعدنى ويوسف شاهين وصلاح أبو سيف وحمدى أحمد وسميرة عبدالعزيز، كانت القاعة فى مبنى النقابة مزدحمة إلى حد أن العشرات كانوا يقفون فى الخارج، وبعدها كان مؤتمر الدراسة الشهير الذى حضره ما يزيد على 20 ألفا، وكان المؤتمر واحدا من مؤتمرات عديدة سابقة، كان يحضرها نفس العدد، وبعد ذلك بلغ الحال بالحزب درجة أنه كان يعقد فيها مؤتمرات لا يحضرها سوى عشرات، فلماذا وصل الحال إلى هذا المنحدر؟، وهل كانت الأجهزة المعنية تعلم أن الحال سيكون هكذا فقرروا إعطاء الحزب لرجاله حتى يهدموه بأنفسهم؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة