كانت الثلوج تغطى أشجار ومبانى أنقرة مدينة الموظفين والعاصمة الإدارية لتركيا، بينما لم أجد أثرا للأمطار فى الشوارع، حيث تنتشر البلاعات ويقوم العمال بتنظيف الثلوج التى تغطى السيارات والمبانى، لم يكترث العامل بطلبى منه السماح لى بالتقاط صور تذكارية على خلفية الثلوج، فقد كان يؤدى عمله بدقة ومهارة ووقت سريع.
وعندما ذهبت لزيارة جامعة توب للاقتصاد بأنقرة بدعوة من الصديق البروفيسور أحمد أويصال لم أجد أثرا للحرس الجامعى، بل عناصر وأفراد أمن من شركات خاصة فى الاستقبال فقط عند المدخل، ولا يوجد أثر لهم أمام الجامعة أو بين أدوارها ومبانيها وملحقاتها.
والغريب أن المبانى كلها مكيفة فلا تشعر ببرد الشتاء الأوروبى القارس، وهناك تنوع كبير فى ملامح الطلبة خاصة مناطق الأناضول وإسبرطة، وهناك ملامح تتارية جميلة وأخرى من أصول صربية وهكذا. وقد وجدت الطلاب يمارسون العمل السياسى بحرية فهذا ينتمى لحزب "سعدات" "السعادة" برئاسة نجم الدين أربكان، وآخر ميوله كمالية قومية، وفتاة يسارية، وهكذا دون قيود على حرية الرأى، وقد رأيت بعض الطلاب مثل سميح أورجان طلاب العلاقات الدولية يضعون شعارا للعائلات العثمانية "عثمانلى" على ستراتهم الخارجية، وأما سيرفا طالبة تكنولوجيا المعلومات فتضع صورة مؤسس الدولة الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، مؤكدة انتمائها إلى أصول تترية واعتزازها بالقومية التركية.
وفى ندوة عن العلاقات التركية العربية حضر وزير الداخلية د. بشير أطلاى، وهو أستاذ علم اجتماع، وجلس فى الصف الثانى دون حراسة ودون بعض الملاحظات وانتظر دوره فى التعقيبات كأى باحث.
وتؤكد د.أمينة إرسوز، أستاذة الشريعة بجامعة سليمان ديميريل بإسبرطة جنوب تركيا، أن الجامعات التركية بها حرية كبيرة فى التعبير عن الرأى بحكم الدستور والقانون، ولا توجد قوة أو حكومة تستطيع تغيير ذلك، مضيفة: عندنا مثلا 25 كلية للشريعة تدرس المذاهب الأربعة، رغم استحالة تطبيق الشريعة وأنا أستاذة جامعية للشريعة بدون حجاب وأعتز بذلك.
تعترف د. أمينة بأن المسلسلات التركية لا تمثل الشعب التركى الحقيقى، بل شريحة قليلة جدا، فهناك مشاكل حياتية كبيرة كأى بلد، والمرأة التركية لها دورها والحياة كلها ليست بهذا الشكل من الرفاهية والأبهة والرومانسية الدائمة.
صليت الجمعة الماضية فى مسجد فاطمة أرغان بأنقرة، وعندما سألنى جارى التركى فى المسجد: "أنت من عربستان قلت له أنا مصرى". فقام الرجل وعطرنى بعطر تركى وأجلسنى مكانه وهو يهتف: "ما شاء الله.. مصر مصر أزهر شريف".
كانت الخطبة باللغة العربية فى القرآن والأحاديث فقط والباقى بالتركية على المذهب الحنفى مثل مصر.
كانت الطرقات ممهدة وواسعة والبيوت منظمة ولا وجود للعشوائيات وعندما تسأل عن مكان تجد الشرطى يصفه لك بدقة ويصمم على أن يستوقف التاكسى قائلا لك: "لو رأى هذا الزى الأزرق فسيتوقف ولن يزيد عليك أبدا فى الأجرة، وإذا لم يكن يعرف المكان يتصل بمن محموله الخاص بزميله ليصف له المكان".
تجولت فى شوارع أنقرة بالباص الشعبى المكيف واسمه "أتوبيس" أيضا، كان كل مواطن يعرف مكانه ولا يوجد زحام أو وقوف داخل الطرقات، عندها تذكرت أننى عائد بعد أيام قليلة إلى القاهرة حيث الزحام والفوضى المرورية، رغم أن القاهرة كانت قبل 50 عاماً أفضل من أنقرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة