لن تمنعك تلك العيون التى يملأها التعب ولا تلك الوجوه المصابة بالضعف ولا ذلك الجبين الغرقان فى مياه العرق، ولا ذلك التشابك بالأيدى بين سائقى تاكسى من أجل زبون لن يدفع أجرته كاملة إلا بعد معركة شعارها الرئيسى المماطلة من أجل جنيه زيادة أو جنيه ناقص. لن تمنعك تلك الأشياء مجتمعة ومعها وفوقها وتحتها عشرات مثلها من أن تسأل نفسك ذلك السؤال "الرخم":"هو إحنا بنعمل فى نفسنا كده ليه؟".
وقبل حتى أن تتمنى أن تجد الإجابة سيتبرع ذلك الأخ الذى يجاهد من أجل شهقة هواء نقى تنقذه من زحام المترو أو الأتوبيس قائلا: "عشان نعرف نعيش ياسيدى.. بناكل فى بعض عشان نعيش ياأستاذ ؟ "، ثم يتوه الأخ المتبرع بالإجابة.. "طيب إذا كانت الحياة صعبة بهذا الشكل فهل يصبح التصوف هو الحل الوحيد لتلك الإشكاليات؟".
ما جاء به البروفسير رضا شاه كاظمى فى كتابه "طرق التعالى" والذى يتحدث فيه عن الصوفية والطرق التى يسلكها الإنسان من أجل الترفع عن الحياة الدنيا والسمو عن فضائحها ومشاكلها، يجعلك تتساءل: ولماذا لا يكون التصوف هو الحل للهروب من تلك المشاكل دون أن تحسب تبعات ما يحدث لأن لا شىء أكثر إغراءا للإنسان من راحة البال.
يريد كاظمى أن يقول إن التصوف كائن مستقل لا وطن ولا دين ولا مدرسة معروفة العنوان تلجأ إليها العقول لتستقى منها ما لذ وطاب من المعرفة..
فالتصوف كائن روحانى لايبحث عن أشخاص بل يبحث عنه الناس بأرواحهم، يضرب كاظمى بابن عربى مثلا فهو من أتباع أفلاطون، يعنى هو مؤمن بالمثالية فى التفكير ولا يشغله شىء سوى التعالى الربانى والانصهار فى وحدة الوجود والعيش فى رحاب الله دون الالتفات للحياة الدنيا وشهوات البشر، فهو كما تقول "سارح فى ملكوت الله يدور فى فلك سماوى آخر لاعلاقة له بأهل الأرض"، ولكنك حينما تسمع ابن عربى وهو يتحدث عن الحب وأنواعه فلابد وأن تجلس وكأن على رأسك طيرا، فابن عربى يعتبر أن الحب هو أصل الوجود وقسمه إلى ثلاثة أنواع:"الحب الطبيعى" وهو حب حسى يهتم باللذات الجسدية دون أى اهتمام بالروح والجسد، والمحبوب فى هذه الحالة ليس محبوبا لذاته بل لما يوفره للمحب من لذة ومتعة..
والثانى هو الحب الروحانى وهو أرقى من النوع الأول لأنه يتطلب الاتحاد بالمحبوب روحا وجسدا، والثالث هو الحب الإلهى وهو أرقى أنواع الحب لأنه حب روحى خالص لا علاقة للجسد به.. اختر ما يناسبك من بين القوسين وقرر أن تبدأ به عام 2011.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة