فى الزمن الرقمى يمكنك أن ترى الإنجازات الافتراضية وقد صارت حقيقة، ويمكنك بعد قراءة مقال المهندس أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى، أن تشعر أنك تعيش فى بلد آخر، وسوف تتمنى أن تعيش فى مصر أمين التنظيم، الذى دبج مقالا قدم فيه تحليلا تكتيكوستراتيجى، يثبت أن الإنسان كان أصله حزب وطنى، وإذا كان المستمع أهبل والقارئ مواطن، فالكاتب مكتسح.
مطلقا من شعور بالانتفاش، ورغبة فى تأكيد الانتصار، تجاهل السيد عز كل ما نشر وشوهد من تقفيل، وانطلق يحلل الوضع من منظور افتراضى رقمى يصيب الإنسان بالاقتناع.
وحسب تحاليل الأستاذ عز، فإن الانتخابات طبعا تعتبر مرحلة جديدة من الانطلاق نحو تأييد شامل ورائف لمرشحى الحزب، كيدا لعزاله ودرءا للإفساح الاستربتوميكانيكى، ووضع ملامح الخطة تحقيقا للنطة، ومرتكزا على محاور تثرى العمل وتثير الأتربة فى وجه كل من شاف مرشحى الحزب ولم يضحك أو يرقص، وتيسيرا للإدلاء بأصوات، الناخبين الذين لم يذهبوا، أكد أمين التنظيم أن العين عليها حارس والدنيا واسعة، وان الإنجازات سبقت الترشيحات، واندفع الناخبون من كل صوب ليصوتوا ويصرخوا فرحا بالانتخابات، والتعلب الذى فات.
تحاليل الأستاذ عز تكشف لنا ولها أن "أى تصويت فى أى انتخابات عامة يكون اقتراع ثقة على ما حققته- أو ما لم تحققه- الحكومة القائمة.. وبناء عليه فقد تكالب الناخبون لاختيار مرشحى عز لأن حكومة الحزب كانت "تنفذ برنامجا رقميا"، وحققت طفرة على أصعدة شتى.. أعلى معدلات نمو وإنفاق عام.. وإيرادات عامة.. ونقل عام وكبد فيروسى.
وعليك، وأنت المواطن ذو الرأس والجذع والقدمين، أن تنام قرير العين مشرئب الفلنكات، تغوص فى لوبيا الديموقراطية وتغترف من فاصوليا نسبة النمو والتنمية المستدامة، وتنسى البزوغ النازل من أروقة البلوغ الطالع، وإذا شعرت بالقنوط ارجع فورا إلى برنامج الحزب الوطنى الديموقراطى تجد ما يسرك، إذا رأيت ارتفاع الأسعار أو أزمة الإسكان أو تدهور الصحة ابتسم واقرأ برنامج الحزب الوطنى ومقال السيد أحمد عز ونم قرير العين.
السيد عز يتحدث عن نسبة النمو، وتوقع السؤال الطبيعى: أين نسبة النمو، تجاهله واستفاض فى القول إن المرتبات تضاعفت والسيارات تكاثرت بما يؤكد نظرية الإنجاز الرقمى.
لم يتوقف قطار التحاليل عند ملايين المواطنين فى المقابر وتحت خط الفقر لم تصلهم نسب النمو وغابت عنهم عدالة التوزيع، وانخرط فى شرح مشروعات الصرف والمياه متجاهلا العجز عن حماية مياه النيل وحرمان ثلث القرى من الصرف والمياه النظيفة، وهى أمور تم إخفاؤها خوفا على مشاعر الناخبين الذين هجموا على الصناديق يرسلون مع أصواتهم وأصوات موتاهم القبلات والأحضان اعترافا بالجميل وكراسة الشروط، حتى لو اختفت البلاعة لامتصاص مياه المطر أو تكالبت السيارات والأتوبيسات فى مخرات المرور والسيول، أو غابت أنابيب بوتاجاز وتكومت الزبالة، فكلها أمور يومية لا ترقى لاهتمامات الحكومة الرقمية التى تلعب فى الاستراتيجى.
الحزب الوطنى قدم حلا لكل مشكلات مصر المتراكمة منذ عهد منقرع، زيادة 100% فى أجور صغار الموظفين والمعلمين، ولم يتطرق إلى تعهد سابق بمد مظلة التأمين الصحى لكل مواطن، وهو حلم ظل الناس يطالبون به فى الفترات الأربع المنصرمة، لكنه مازال وعدا فخاطرا فاحتمالا، وتطرق السيد عز عن وعد بتوفير 4 ملايين فرصة عمل وقال إنها تحققت، خالطا بين الوعد والواقع، لأنه أسقط الحائط الرابع بين الوعود والإنجازات، على الجماهير.
كل الأحلام المؤجلة طوال ثلاثين عاما تحققت، فى غمضة عين، وكل المساعى المشكورة، تكمأكأت من الحزب الوطنى. وعلينا أن نصدق هذه الوعود التى سبق إلقاؤها من قبل عشرات المرات، نلتقى بعد السنجة.