فليسمح لنا المهندس أحمد عز بأن نهنئ أنفسنا ونهنئ صاحبة الجلالة الصحافة المصرية بانضمام كاتب صحفى جديد جذبته شهوة الكتابة الصحفية فى سن متأخرة بعض الشىء، وتملكته رغبة جديدة فى الاستحواذ على مهنة الكتابة، بعد استحواذه على سوق الحديد فى مصر وعلى سوق السياسة فى الحزب الوطنى.
يستحق الكاتب الجديد المهندس أحمد عز التهنئة حقيقة فهو الوحيد الآن من بين ساسة الحزب الحاكم القادر على استفزاز شعب بأكمله بأحزابه وبمؤسساته وبمثقفيه وخبرائه وبأعصاب يحسد عليها من خلال الموهبة الجديدة التى اكتشفها فجأة فى أعماق أعماقه فأراد أن يسودها فوق صفحات الصحافة الحكومية لأنها الوحيدة القادرة على استيعاب موهبته وأفكاره ورؤاه السياسية والاقتصادية، بدلاً من «صحف المعارضة وبعض وسائل الإعلام التى أصبحت تقوم بدور المعارضة وتشكك فى كل إنجاز يتحقق»، كما أشار فى بداية مقاله التحليلى الأول فى صحيفة الأهرام.
كنت أتمنى أن تأتى بدايات الموهبة الجديدة فى الكتابة للمهندس أحمد عز مبشرة ومقبولة ومنطقية، لكنها خذلتنا بإفراطها فى التمجيد فى «الإنجاز الرائع» الذى تحقق على أرض الواقع التى يعيش عليها المهندس عز وحده، وينكرها شعب جاحد للنعمة لا يرى واقع الإنجاز و«الطفرة» فى عدد السيارات وطلاب المدارس الخاصة والإنفاق العام ومستوى معيشة «الطبقة الوسطى» والبنية التحتية وفرص العمل والحياة البمبى والوردى.
شاهد المهندس عز كعادته «النصف المليان» من الكوب وربما لا يرى نصفا آخر غيره، فقد كرر الأرقام ذاتها فى مؤتمر الحزب فى العام الماضى وعدد صنوف وأنواع الإنجاز الذى حقق الرفاهية التى ينعم فيها الشعب فى ظل حكومة الحزب رغم سوداوية هذا الشعب فى التعامل مع إنجازات أحمد عز.
ولا نعرف أى طبقة وسطى يتحدث عنها المهندس عز، وهل مازالت هناك طبقة وسطى فى مصر، وأين هى، ونريد منه حقيقة أن يدلنا عليا ويعرفنا بها. فقد انهارت هذه الطبقة فى ظل سياسات اقتصادية دفعت بها إلى سفح الهرم الاجتماعى، وباتت رصيداً لمعدلات الفقر فى مصر حتى بلغت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر نحو 40 % وفقا لتقارير التنمية البشرية للأمم المتحدة وهو ما لم يذكره المهندس عز.
ربما دون أن يدرى اعترف المهندس عز بانهيار التعليم الحكومى فى ظل الإنجاز والإبداع الذى حققه الحزب الوطنى، فقد أعلن بكل فخر أن هناك مليونا و600 ألف طالب، وهو عدد يفوق أضعاف عدد طلاب المدارس الخاصة فى اليابان - مثلاً - وهى الدولة ذات الاقتصاد الرأسمالي، وقد يكون لدى المهندس علم بأن أكثر من 95% من المدارس والجامعات اليابانية هى مدارس وجامعات حكومية، فالتعليم فى الدول القوية مسألة أمن قومى وخط أحمر يخضع لحسابات المستقبل وليس لحساب البيزنس.
أمور كثيرة تناولها المهندس عز تثير الاستفزاز، وبدا أنه يتحدث عن واقع آخر وشعب غالبيته العظمى من غير المصريين الذين يعيشون فى نصف الكوب الفارغ. > >