لا أمل فى إصلاح الحياة السياسية المصرية، إذا استمر الوضع الذى أفرزته انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، والذى يكرس لديكتاتورية الحزب الواحد وإغلاق أفق التغيير أمام الأصوات المختلفة.
لكن هل من سبيل إلى تحقيق هذا الأمل فى الوقت الذى تشهد فيه أحزاب المعارضة وحركات الرفض انقسامات وتشتتاً فى المواقف، واتجاهاً من كوادرها للعمل السياسى فى الغرف المغلقة، دون التحام فاعل مع الجماهير، الأمر الذى يصدق عليه وصف صحيفة الجارديان "بالمأساة".
الوضع الحالى فى حالة استمراره، حسب وصف الجارديان، يعنى انسداداً فى شرايين العمل السياسى لمدة خمس سنوات مقبلة، وهو وضع لا تحتمله متطلبات أغلبية المصريين، فمن ناحية تميل التركيبة السكانية للمجتمع نحو الشباب ولا يتجاوز 40% من السكان عشرين عاماً حسب آخر مسح للسكان، فى الوقت الذى تعانى فيه النسبة الغالبة من نقص فى جوانب الرعاية الأساسية الصحية والتعليمية وزيادة نسبة البطالة، وتعجز كذلك عن تغيير السياسات المؤدية إلى الوضع الذى تعانى منه وترفضه.
معاناة الفئات العريضة من سياسات الحزب الوطنى المفقرة، وعجزها عن تغييرها فى الوقت نفسه، يحمل الأحزاب السياسية مسئولية مضاعفة فى مجال التحفيز والتوعية بالحقوق والتحرك للمطالبة بها ، وهى مهام لا تستطيع بالطبع الاضطلاع بها أحزاب تعانى من الانقسام والتشرذم وتفتقد للموارد.
لذلك، ليس غريباً أن تصعد خلال السنوات القليلة الماضية شبكة كبيرة من أعمال الاحتجاج السلمى والمعارضة التلقائية على شبكة الإنترنت عبر المدونات وفيس بوك، شكلت فيما بينها حزباً معارضاً كبيراً دون تنظيم بين أعضائه ودون هيكل سياسى جامع، يعوض إلى حين الفراغ الكبير الذى تركته أحزاب المعارضة العريقة منها والورقية.
لكن إلى أى حد يمكن أن تتطور شبكة الحزب المعارض الكبير على الشبكة العنكبوتية، بحيث يتحول نشاطهم الافتراضى إلى نشاط فعلى على الأرض، وقد شهدنا بعض التجمعات الصغيرة منهم قد أحدثت حراكاً لافتاً فور انتقالها من الإنترنت إلى الاحتجاج؟
وإلى أى حد يمكن أن تعوض ممارسات الشباب الاحتجاجية والرافضة على الإنترنت، غياب العمل السياسى الحزبى والمؤسسى؟
وهل يمكن أن تجد الأحزاب المعارضة الطريق الآمن إلى البقاء على قيد الحياة بفتح الباب أمام الشباب المتحمس والرافض ليضخ الدماء فى هياكلها السياسية ويكسبها الحيوية التى تفتقدها فى الشارع، أم أن قدر الأحزاب أن تلقى "التجمد" بأيدى قادتها الحاليين، وأن يضل الشباب الرافض، يمارس رفضه على شبكة الإنترنت؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة