أسعد فوز المنتخب الوطنى بكأس أفريقيا عموم المصريين كباراً وصغاراً، نعم، فى ظل أيام يغيب عن معظمها السعادة ويرفرف الهم والأكتئاب، والحق أن كل المصريين يستحقون أن يفرحوا لحظات وسط مشاكلهم وهمومهم العديدة.. لكنى أجد على أن أتأمل فى فوز المنتخب المصرى المستحق والمبهر، وأن أستخلص منه الدروس لنفسى أولاً ثم أدعو الآخرين للسير فى هذا الاتجاه.
لعل أول درس فى فوز المنتخب أنه كسر اعتقاد الكثيرين بمنطق الصدفة الذى ربطوه بالجهاز الفنى، أو لعبة الحظ التى اعتبروها تميمة حسن شحاتة "البركة" لا الفوز الثالث بالبطولة الأفريقية الصعبة وتحقيق انتصارات متتالية على كل الفرق التى قابلناها يعنى ببساطة أن الجهاز الفنى لديه رؤية ومشروع وقدرة على إدارة موارده التى هى "اللاعبون" لتحقيق الأهداف مهما كانت بعيدة عن البعض أو مستحيلة لدى البعض الآخر.
أولاً: الرؤية، تتمثل فى أن الرجل "شحاته" ومعاونيه آمنوا أنهم يستطيعون الفوز وتحقيق البطولة تلو البطولة، وتلك كانت البداية عندما زرعوا عقيدة الفوز خارج وداخل الوطن فى نفوس اللاعبين وبدلاً من الخوف من الأسماء الأفريقية الرنانة المحترمة فى أكبر الأندية الأوربية، رفع الجهاز الفنى شعار "المحلى يكسب" بينما المستورد الدورى يغزو كل مناحى حياتنا بفرض علينا أسلوباً معيناً فى الاستهلاك والإنفاق والحياة.
ثانياً: المشروع، تمثل فى إعداد مجموعة من اللاعبين على قلب رجل واحد يستطيعون تقديم كرة جماعية مخلصين، ينكرون ذاتهم فى سبيل رفعة منتخب بلادهم، يكرهون الهزيمة، ويبذلون الجهد لصالح المجموع، ومن هنا تكون لدينا فريق جماعى يكره الفردية والأنانية ويقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وإذا شذ عنصر فى الفريق عن هذا الاتجاه مهما كان اسمه أو صيته أو النادى الذى يلعب له، يتم استبعاده فوراً، حدث هذا مع ميدو، وكاد يحدث مع زيدان ومع غيره رغم حاجة الفريق إلى جهودهما، لأن وجود اللاعب الفرد يهدم المجموع ويكسر الميزة الأساسية للمنتخب "الجماعية وإنكار الذات" وهى الميزة التى مكنته من قهر منتخبات كبيرة مليئة بالنجوم، والعجيب أن مشروع حسن شحاته تحقق فى ظل هيمنة الفردية وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة فى جميع الميادين من حولنا.
ثالثاً: القدرة على إدارة الموارد لتحقيق أصعب الأهداف، هذا ما فعله حسن شحاته وجهازه المعاون عبر اختياره أفضل العناصر وتوظيفها التوظيف الأمثل لتحقيق الأهداف الصعبة.. من يصدق أن "جدو" الذى اختاره شحاته بدلاً من "ميدو" سيصبح هداف البطولة.. ومنه يصدق أن محمد عبد الشافى سيصبح مشروع أفضل ظهير أيسر فى مصر؟ إنها القدرة على رؤية مواردنا وحسن توظيفها، بعيداً عن الشكوى أو الاقتراض كما تفعل بعض الدول بتجنيس اللاعبين، أو كما تفعل كثير من قطاعات الدولة نفسها.. عجيب أن المنتخب وجهازه الفنى حققوا انتصارات أسعدت المصريين.. وقدموا طريقة فى الإدارة تصلح لحل جميع مشاكلنا.. اللى أنا خايف بس منه إن واحد يطلع يقول إن الملايكة كانت بتلعب معانا أمام غانا!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة