لو جلست مع نفسك وأتيت بمنجمى الأرض وكشافى غيب السماء لن تعرف سر هذا النظام الذى يحكم هذا البلد على طريقة اللى حافظين وعمرهم ما فهموا أبدا، كل يوم وكل شهر يمر من عمر الزمن يترك انطباعا وتأكيدا لا شك فيه على أن السادة المسئولين ليسوا شطارا أبدا بدليل أنهم لم يتعلموا من التكرار، بدليل أن أحدا فيهم لم يتم ضبطه متلبسا بالتعلم من أخطائه أو على الأقل الوقوف للحظات لتأمل كوارث أفعاله، كما أنهم أساتذة إهدار الفرص، فكل لحظة من عمر تاريخ مصر الحديث تشهد بقوة على أن القدر منح هذا النظام الحاكم العديد من الفرص لتحسين علاقته بالناس، ورغم ذلك يتفنن السادة المسئولون من وزراء ورجال أمن وفوقهم رئيس الجمهورية فى إهدار تلك الفرص بمهارة يحسدون عليها، وبسذاجة لا تستدعى لروحك سوى المزيد من الشفقة على عقولهم.
قلت ما سبق لأننى لم أجد شيئا يمكن أن يقال بعد خبر اعتقال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، فلم أجد سببا منطقيا واحدا يدفع الدولة إلى اعتقال 4 من قيادات مكتب الإرشاد الجديد الذى يعيش لحظات صراع يشوه فيها بنفسه صورة الجماعة ويقضى على أسطورة نظامها، لم أجد سببا لاعتقال عصام العريان ومحمود عزت وغيرهم وهم نجوم يعلم السائرون فى الشارع مدى نظافتهم واحترامهم، وبالتالى فإن اعتقالهم بالنسبة للناس جملة ليس لها محل من الإعراب سوى أن النظام يعشق ممارسة ساديته وديكتاتوريته وتسلطه الأمنى على خلق الله.
دعنا من فكرة عدم وجود سبب أمنى لاعتقال العريان وعزت، ودعنا من فكرة الغباوة الأمنية فى تلك المسألة وتعالوا نسأل ما الذى يدفع النظام الحاكم لاعتقال أعضاء مكتب الإرشاد ومنح الجماعة التى تترنح من المشاكل الداخلية فرصة ذهبية أمام الرأى العام للخروج من نفق أزمته تحت ظلال اضطهاد النظام وممارساته القمعية ضدها؟ أى عبقرى فى جهاز أمن الدولة فكر فى خطوة الاعتقال تلك؟ وأى جهبذ فى الدولة الرسمى طلب تنفيذ تلك الحملة من الاعتقالات؟ وأى حظ هذا الذى يرافق جماعة الإخوان المسلمين لدرجة أن يجعل خصومها هم سر خروجها من أزمتها؟.. الآن سينسى الرأى العام خلافات مكتب الإرشاد، وستذوب حملات الصحف القومية ضد الجماعة كما يذوب الثلج دون أن يترك أثر، وسيصبح أى كلام تم تسريبه أمنيا عن وجود صفقات بين النظام والمرشد الجديد كلام سخيف، والقيادات وستعود النغمة القديمة عن خوف النظام من الجماعة ليتم عزفها ليل نهار على أوتار حملة الاعتقالات الأخيرة، ونحن أيضا سنفعل ذلك سننسى مشاكل الجماعة وأخطائها الأخيرة وسنقف لنقول لا لاعتقال عصام العريان لأنه أكثر احتراما ونظافة من نصف مسئولين البلد، لا لاعتقال عزت وبقية إخوانه لأننا خلاص زهقنا من تلك الطريقة البوليسية فى معالجة الأمور، لا لاعتقال أى إخوانى أو ناشط سياسى لأننا طهقنا من حكم البلطجية ونريد للقانون أن يأخذ مكانته الطبيعية حتى نطمئن على مستقبل هؤلاء الذين ظلمتهم الظروف وخرجوا للحياة ليجدوا أن أنبوبة البوتاجاز اللى الناس واقفة عليها طوابير أصبحت ثمنها 60 جنيها بعد أن كانت تأتى لحد البيت بكام قرش فقط!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة