هناك أمر غامض فى علاقة السلطة الحاكمة بجماعة الإخوان.
لكن قبل محاولة مناقشته، لابد من التأكيد بشكل حاسم أنه تحت أى مبرر لا يمكن قبول اعتقال أى مواطن مصرى يمارس حقه فى حرية التعبير والتنظيم التى يحكمها الدستور والمواثيق الدولية التى وقعت عليها الدولة المصرية، وبالتالى لا يمكن قبول حجة السلطة الحاكمة بأن الاعتقالات شبه الدائمة سببها فقط أنه تنظيم محظور بقوة القانون، فأخبار الجماعة وانتخاباتها وخلافاتها وأنشطة قياداتها تنشرها مختلف وسائل الإعلام بشكل دائم، ومع ذلك لا يتم منعها من قبل أجهزة الأمن، ولا يتم اعتقال من يمارسونها، بما فيهم رئيس الجماعة الجديد دكتور محمد بديع.
إنها اعتقالات تجرى بين حين وآخر، تأخذ هذا وتترك ذاك، وأحيانا ما يتم الاعتقال ويجرى تصعيده إلى المحاكم العسكرية وفى أحيان أخرى يتم الإفراج، وفى الحالتين لا يوجد معيار واضح، فالحقيقة أن كونها جماعة محظورة بقوة القانون هو معيار انتقائى، يتم تفعيله أحيانا وتجاهله أحيانا أخرى.
ومن ثم يمكنك القول إن السلطة الحاكمة لا تريد القضاء على الجماعة، ولا تريد أن تتركها تمارس نشاطها بحرية.. وهذا أمر غامض وغير مفهوم، بل دعنى أقل إنه محير.
على الجانب الآخر فالجماعة لا تريد أن تتقدم للأمام، فإذا كانت جماعة دعوية، فلماذا لا تخوض نضالا قانونيا من أجل تأسيس جمعية أهلية تمارس من خلالها نشاطها الدينى بشكل علنى، وتغلق الباب أمام خصومها باعتبارها محظورة.
وإذا كانت تريد السياسة، فلماذا لا تستكمل برنامجها الذى عرضته على بعض من النخبة وشهد نقاشا علنيا، ثم دفنته فى الأدراج؟ ولماذا لا تخوض نضالا قانونيا من أجل تأسيس حزب سياسى، والقانون يتيح لها ممارسة نشاطها مستفيدة من يافطة "تحت التأسيس" لحين الحصول على موافقة لا يمكن أن تأتى إلا عبر القضاء مثل الكثير من الأحزاب.
لكن الجماعة لا تريد هذا أو ذاك، ليس فقط فى علاقتها بالسلطة الحاكمة، بل ومع الواقع السياسى فى بلدنا. وهو موقف غامض وغير مبرر، بالضبط مثل موقف السلطة الحاكمة منها.
ولذلك أظن أن كلاهما مستفيد من هذا الغموض، وليس كل الظن أثم، لكن بعضه فقط كما تعرفون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة