عندما تصل مشكلة أنابيب البوتاجاز إلى حد الطوابير والمعارك التى يسقط فيها قتلى وجرحى، نحن أمام حكومة تقف مكتوفة الأيدى تتفرج على ما يجرى باستمتاع، وأقصى ما تفعله أن تطلق تصريحات بلهاء وتقدم تفسيرات تتنافى مع العقل والمنطق، وتترك القضية الرئيسية وتتفرغ هى وكل وزارة لإخلاء مسئوليتها وإلقائها على وزارة أخرى، أو تلقى باللائمة على المواطن الذى لا يعرف مصلحته ويبالغ فى استهلاك الأنابيب، وكأنه يشرب الغاز أو يطيره فى الهواء، وهى طريقة مكررة ومحفوظة، فى كل أزمة، رأيناها فى أزمات الخبز، ونراها مع الغاز وسوف نراها طالما بقيت عقلية الأنبوبة.
ولو تأملنا التفسيرات التى قدمها البعض لأزمة أنابيب البوتاجاز سنجد أن المشكلة فى الرأس وليس فى الأنبوبة ولا فى البوتاجاز، بعض السادة البرلمانيين قالوا إن سبب الأزمة فى الأنابيب أن الشركات الجزائرية لم تورد الغاز المتعاقد عليه بسبب التوتر بين مصر والجزائر وهو أمر لا وجود له وواضح أن طرفا ما فى الحكومة حاول تسريب الشائعة لإخلاء المسئولية.
ومعروف أن الغاز المستخدم فى الأنابيب هو غاز صناعى وليس طبيعيا، وهو يصنع من غاز الميثان المضغوط، ويختلف عن الغاز الطبيعى، وهذا النوع من الغاز يستخدم فى مصر والجزائر والمغرب وبعض الدول العربية والأوربية بينما دول الخليج وأغلب الدول تعبئ الغاز الطبيعى الموجود فى مصر والأمر يحتاج تعديلات تكنولوجية فى الأنابيب بحيث يكون الضغط لأعلى وليس فى الجانب، لاعلاقة للجزائر بالأزمة التى تتكرر كل شتاء.
أيضا وجدنا أيضا من يتهم مزارع الفراخ بالتسبب فى أزمة أنابيب البوتاجاز، ولا مانع على الإطلاق من مثل هذا الاتهام لكن السؤال: أليس من حق مزارع الفراخ أن تحصل على الغاز من أجل التدفئة، وصناعة الدواجن جزء من النشاط الإنتاجى فى البلد وليس نشاطا خارج القانون وبالتالى من حق المزارع أن تحصل على الغاز للتدفئة، وليس فى الأمر أى مفاجأة، لأن الحكومة لم تفاجأ بأن المزارع تهرب الأنابيب، و يفترض أن يتم توفير غاز التدفئة للمزارع أو تفكر وزارة البترول فى توصيل الغاز للمزارع للتدفئة، أو الطاقة الشمسية حتى يمكن حل المشكلة وليس ترحيلها.
وما جرى انه تم حرمان مزارع الفراخ من الغاز، الأمر الذى يعرض الثروة الداجنة للموت، وبالتالى يرفع أسعار الدواجن التى ارتفعت أصلا بسبب أنفلونزا الطيور وتعرض منتجوها لخراب بيوت، صناعة مشروعة ومصدر دخل لقطاع واسع من المجتمع، خاصة فى الريف والمحافظات، وتدميرها بما يعنى مزيدا من الفقر ويؤثر على الدخل القومى.
وهناك صناعات كثيرة تعمل بالغاز الطبيعى ولم نسمع أنها سبب الأزمة بالرغم من أنها تستخدم كميات أكبر من الغاز.
ولا نعرف لماذا كلما أرادت الحكومة أن تعالج مشكلة تصنع مشكلة أخرى جديدة فهل نقتل الدجاج من أجل مواجهة أزمة البوتاجاز، أم أن الحل هو الاعتراف بالأزمة ومواجهتها مبكرا، خاصة وأنها تتكرر سنويا، وفى كل مرة نسمع نفس التفسيرات والتبريرات، ونستبدل لغز الفرخة أم البيضة، نواصل السؤال: الفرخة أولا أم الأنبوبة؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة