ها هى حكومة الحزب الوطنى، وحزب وطنى الحكومة، يثبتان بما لا يدع مجالا للشك، أن المواطن عليه حارس نائم، وأن الفشل لا يقاس بمدى القدرة على قتل الشعب. لدينا حكومة إلكترونية لا تعرف من أمرها شيئا، وتمتلك معلوماتية تمكنها من السير عكس الاتجاه، والنزول طلوعا إلى عالم الإنجازات المتراجعة. وإذا كان الحزب عليه واحد، فالحكومة عليها عفريت. حيث تمتلك حكومة الدكتور نظيف قدرة هائلة على "التقدم المتراجع".
كلما واجهت مشكلة عالجتها بكارثة، وإذا وقعت فى أزمة، ترتكب مصيبة. تطفئ الحرائق بالبنزين، وتعالج المرضى بالقرارات. وتكتفى بإطلاق التصريحات عن إنجازات افتراضية.
كل من تفرج على معرك الحكومة والنواب حول قرارات العلاج على نفقة الدوبة، سوف يعرف أى حكومة الكترونية تدير البلد للوراء، واى حزب حاكم يقدم من الافكار النيرة ما يكفى ويفيض لإغراق الناس فى التهلكة. واكتشفنا من أزمة "قرارات العلاج شو"، أننا أمام نظام صحى غير مسبوق فى التاريخ الحديث، ولا فى التاريخ الطبيع.. نواب حصلوا على قرارات للعلاج مواطنين بعشرات الملايين. لأنه لا يوجد علاج من أساسه فى المستشفيات العامة. وأن الاستثناء تحول إلى قاعدة. وبعد أن كانت قرارات العلاج تصدر للحالات الحرجة.
أصبح كل المواطنين لا يجدون علاجا ويحتاج المواطن من أسوان للإسكندرية إلى قرار من وزارة الصحة فى القاهرة ليعالج فى المنصورة. لأنه لاتوجد منظومة علاجية فى مصر، ولا تأمين صحى.
سمعنا كثيرا عن الخصخصة والفكر الجديد "اللميع وابو رباط"، ولجنة السياسات والتخيط الهيكلى وخبراء الوزراء من أنصار الرأسمالية والخصخصة، واكتشفنا أن سياساتهم وأفكارهم انتهت إلى لاشىء، فلا نحن فى دولة تعالج المواطنين بالمجان، ولا نحن فى دولة رأسمالية تضع منظومة للتأمين الصحى. سياسة "الرأس رجلية" التى لا علاقة لها بأى نظام سياسى فى الدنيا.
و لما تفجرت أزمة قرارات العلاج ارتبكت الحكومة كعادتها وسارع وزير الصحة حاتم الجبلى، لاتخاذ قرار يحدد فيه الحد الاعلى لقرارات العلاج. بحد أقصى قيمته 50 ألف جنيه لكل نائب. بما يعنى أن كل نائب من حقه الحصول على علاج لمريض أو اثنين، وإذا علمنا أن ثلاثة نواب حصلوا على قرارات بـ11 مليون جنيه، نعرف أن قرار الوزير بتحديد سقف القرارات هو قرار بقتل باقى المرضى.
وجدنا أنفسنا أمام حالة من التراجع والارتباك. تركوا القضية الأساسية وأمسكوا بعدد القرارات وتركوا القضية الرئيسية. ذهب المواطن ضحية الحكومة والحزب الوطنى بأمانة سياساته وفكره الجديد. الذى لا يعرفون أى حاجة عن موضوع العلاج ولا كيف تدار منظومة الصحة فى مصر. مع أنهم لا يكفون عن الحديث عن نسبة النمو المرتفعة، التى تحتاج إلى مترجم محترف يترجمها إلى مصائب باللغة الفصحى.
لم تنشغل الحكومة او ينشغل الحزب الوطنى ومجلس الشعب بعد اكتشاف غياب منظومة العلاج، وانشغلوا بمناقشات بيزنطية وقرارات هلامية سوف تنتهى إلى فراغ. وموت يا مواطن حتى تنهى الحكومة مناقشاتها.