دعنى اعتمد هذا الوصف على قضية التطبيع فى نقابة الصحفيين، بل ودعنى أقول إن القضايا المهنية الحقيقية التى تهم جموع العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة تكاد تكون غائبة.. وهذه حيثياتى:
خاض هذا المجلس والمجالس السابقة (سواء كان أعضاؤه مؤيدين للحزب الحاكم أو معارضين له) معركة شرسة ضد الزملاء المتهمين بالتطبيع مع إسرائيل، وانتهى الأمر بعقاب الزميلين حسين سراج والدكتورة هالة مصطفى، رغم أن دور النقابة الأساسى هو حماية حرية كل أعضائها فى التعبير والتنظيم.
لكن هناك من انشغلوا وشغلونا بمعاقبة أصحاب رأى مختلف عن أغلبية الجمعية العمومية.. فهذه الأغلبية حظرت كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيونى (لم تحدد هذه الأشكال)، رغم أنه ليس من حق أى جمعية عمومية لأى نقابة أن تشرع ما يخالف قانون النقابة ولا ما يخالف القوانين والدستور. فلا توجد تهمة اسمها التطبيع فى كل القوانين وفى الدستور. ناهيك عن أن اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل أصبحت جزءًا من القانون المصرى مثل كل الاتفاقيات التى توقع عليها الدولة المصرية.
لذلك فسوف تنتهى هذه العقوبات عند لجوء أصحابها إلى القضاء، فالقضاة لا يحكمون بالهوى السياسى، ولكنهم يحكمون بالقانون، ولأنه غير موجود، سيتم إلغاء قرار الجمعية العمومية بحظر التطبيع مع العدو الصهيونى. أى سيكون التطبيع بحصانة قانونية. إنها معركة خاسرة، ولكن ميزتها بالنسبة للذين يتبنونها أنها لامعة، تصنع لهم شعبية، وتمنحهم بريقا يحتاجونه فى الانتخابات، متناسين أنه لا يليق التفكير فى معاقبة أحد على رأيه وطالما أنه لا يخالف القانون. ثم إن النقابة ليست حزبا سياسيا حتى تعاقب أعضاءها على تصوراتهم السياسية التى تختلف مع الأغلبية.
المشكلة أن مثل هذه القضايا المجانية هى التى تشغل النخبة الحاكمة فى نقابة الصحفيين، رغم أن هناك كوارث يعانى منها كل الصحفيين تخرق العين وتوجع القلب، منها مثلا المجلس الأعلى للأجور الذى تم الإعلام عنه فى أثناء الانتخابات على موقع النقيب ومات. وفوضى علاقات العمل، وزملاؤنا العبيد الذين يعملون بلا عقود، وقانون النقابة الذى ما زال يشترط موافقة وزارة الإرشاد القومى والاتحاد الاشتراكى على العضوية. وغيرها وغيرها. ألا تستحق حياة الصحفيين اهتمامهم، بدلا من تحويل النقابة إلى محكمة تفتيش؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة