أعتقد أن الحكومة المصرية تتعامل مع المواطنين فى الداخل والخارج بنوع من زهق تاجر الدجاج المفلس الذى لم يبق له إلا أن ينتظر البيض من دجاجاته المتبقية ليبيعه حتى يستطيع الاستمرار على قيد الحياة، لكنه فى الوقت نفسه غير قادر على رعايتها أو حمايتها من الحيوانات المفترسة أو الطيور الجارحة فلا تجد الدجاجات المحشورة فى أقفاصها إلا أن تحاول الفكاك والهرب من الثقوب والكسور التى نالت من جوانب الأقفاص، قليلها يستطيع الفكاك مصاباً بالجروح والانتهاك وقليلها يعجز فيظل فى مكانه غير قادر على الحركة منتظراً مصيره!.
هذا التشبيه المطول مرده أحداث يوم واحد من حياة الشباب المصرى الذى تدفعه قوة طرد هائلة لمغادرة بلاده بأى وسيلة بحثاً عن فرصة للحياة للتنفس ومحاولة العيش بدلاً من مرور الأيام وسرقة الأعمال، دون أن يدرى والنتيجة عودة شاب من اليونان مصاباً بطلقة فى الرأس، مقتل شباب والقبض على 9 مصريين آخرين يحاولون التسلل إلى الحدود السورية عبر الأردن بحثاً عن عمل، طابور من العاطلين المصريين يمشى فى المدقات والدروب الجبلية جنوباً عبر حلايب وشلاتين إلى السودان الذى يستوعبهم إلى حين، وغرباً إلى ليبيا فيلقون أسوأ معاملة أو مشرفاً حتى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهناك يلقون الهوان ويغتربون بأجسادهم وأرواحهم أو يلقون أنفسهم فى مخاطرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر لتحقيق حلم العمل فى أوربا، وغالباً ما يلقون مصرعهم بين أمواج البحر التى لا تعرف الرحمة أو يقعون فى قبضة السماسرة المحتالين وفى أفضل الظروف يسلمهم السماسرة إلى تجار بشر فى أوربا يوظفونهم كعبيد لقاء ملاليم وهم يضعون سيف الترحل على رقابهم!.
عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة والهجرة قامت بحملة دعائية كبرى عن مخاطر الهجرة غير الشرعية وزايدت على الشباب العاطل بتنظيم دورات مدفوعة لتأهيل الشباب إلى أسواق العمل فى أوربا، وبالفعل هناك من باع أرضة أو بيته أو ذهب زوجته وترك عمله وانضم لدورات التأهيل بالغالى فى انتظار وعود عائشة بالتسفير الشرعى إلى أوروبا، والنتيجة موت وخراب ديار، لا المؤهلين سافروا ولا اشتغلوا وخسروا مدخراتهم القليلة.. فبأى منطق يتعامل هؤلاء الشباب مع الدعوات الحكومية التى تطالبهم بعدم المخاطرة بالهجرة غير الشرعية؟ أفهم أن يطالب المسئول شابًّا جائعًا بالصبر لساعات، لكن لا أفهم أن يطالب بالصبر لسنوات، هنا المسئول يتحول إلى مهرج غير مسئول، ويتحول الشاب إلى قنبلة موقوتة أو مغامر يدق جدران القفص حتى يكسره ويهرب إلى مصيره وحظه فى البحر أو أسلاك طبرق الشائكة أو حتى تحت أعلام إسرائيل ولا عزاء للمواطنين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة