قبل يومين فقط، بلغت الجامعة العربية خمسة وستين عاما بالتمام والكمال، فقد تأسست فى 22 فبراير 1945. وعلى طريقة برامج التلفزيون، ماذا يمكن للمواطن أن يقول للجامعة العربية فى عيدها الخامس والستين؟
الواقع أن المواطن الذى يسمع عن الجامعة العربية، لن يستطيع أن يعرف على سبيل المعلومات العامة، ماهى بالضبط وظيفة الجامعة العربية. وربما يعرف سكان القاهرة أن الجامعة فى ميدان التحرير بسبب ماتسببه من زحام، بفضل سيارات السادة الدبلوماسيين العرب وغيرهم ممن يركنون سياراتهم فى الممنوع.
الحقيقة أن الأنظمة العربية مثل سيارات الدبلوماسيين، تحب الركن فى الممنوع، وكل نظام حكم عربى يجلس على الحكم وعلى مواطنيه حتى أقرب الأجلين، الموت أو الموت. ولا ثالث لهما. لم نسمع أو نشاهد حاكما عربيا ترك الحكم حيا. وبالتالى فالجامعة العربية تضم ممثلين عن أنظمة مزمنة، وقوتها من حاصل جمع قوى أنظمة حكم هشة، ومتسلطة وقمعية غالبا باختلاف التوقيت والطقس.
ولم تنجح أية دولة عربية فى الوصول إلى صيغة يمكن بها للشعب أن يشارك فى الحكم، وبالرغم من مرور سنوات على رحيل الاستعمار، فقد جلس الحكام العرب مكان الاستعمار، ونسوا أنفسهم وما جاءوا من أجله، وحرص كل نظام حكم على ابتكار أفضل طرق البقاء فى الحكم، ولافرق هنا بين نظام ملكى ونظام جمهورى، أو نظام خليط بين الملكى والجمهورى والديكتاتورى.
وإذا كانت الجامعة العربية حاصل جمع الدول العربية، علينا أن نعرف بدون الاستعانة بصديق أو جندى، أن النتيجة يفترض أن تكون كما نراها، وربما يسأل البعض هل كان الوضع العربى سيكون أسوأ لو لم تكن هناك جامعة عربية؟ وهل هناك أسوأ من هذا؟ الإجابة غالبا لا.
ثم إن الجامعة قامت قبل عامين من قرار تقسيم فلسطين، وقضت ثلاثة وستين عاما دون أن تنجح فى تغيير أى وضع، قمم ومبادرات، واجتماعات، للاستهلاك الخطابى والإعلامى. وحتى القمم أصبحت مملة، تعجز الجامعة عن عقدها بسبب الخلافات بين الأنظمة.
وبعد كل هذه السنوات والعقود، لا تزال الجامعة العربية بلا أى ملامح، فلا الدول العربية مقتنعة بها، ولا الأمين العام يشعر أن الجامعة تجمع شيئا، ولا شك أن السيد عمرو موسى بصفته كان وزير خارجية لامعا، فإنه ولاشك يتحسر على أحوال الجامعة والعجز فى تنشيطها أو دفعها لاتخاذ موقف ولو حتى على سبيل الاحتياط.
الجامعة العربية لايمكن أن تكون كيانا فاعلا، لأنها حاصل جمع أقطار ضعيفة، وأنظمة متسلطة. ولا يمكن للسيد عمرو موسى ولاغيره أن ينتشلها من حالتها تلك. لأن الدول العربية ليست مثل دول الاتحاد الأوروبي. ولا يمكن القول إنها تجمع العرب، لم تصالح قطرين عربيين، ولم تمنع حربا عربية بينية، أو حربا داخلية، ولا حتى فى إشاعة الديمقراطية والسرور فى أنحاء الدول العربية.
فى عامها الخامس والستين وصلت الجامعة إلى سن المعاش، لكنها ترفض الطلوع على المعاش. وتفضل أن تبقى شاهدا على تسلط العرب وضعفهم.