واضح أننا انتهينا من علاج كل الأمراض الحادة والمزمنة، ولم يبق لنا إلا تطوير عمليات التجميل على نفقة الدولة، لأننا دولة غنية ومتقدمة وبها منظومة علاجية تنافس أى منظومة فى العالم المتقدم أو المتأخر. نقول هذا بمناسبة ما أعلنه جهاز المحاسبات وصرح به المستشار جودت الملط، عن اكتشاف عدد كبير من قرارات العلاج على نفقة الدولة تم استخراجها من أجل إجراء عمليات تجميل، سواء شفط دهون أو نفخ شفايف أو تدبيس معدة وأحياناً تبييض أسنان.
ولا نعرف كيف تم استخراج قرارات العلاج ولصالح من كبار المرضى، ليجروا عمليات التجميل التى رصدها الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره حول العلاج على نفقة الدولة. تصريحات الملط تزامنت مع حديث عن وزراء ونواب ومسئولين كبار حصلوا على قرارات علاج بمئات الآلاف ليعالجوا فى الخارج من أمراض تعالج فى الداخل بسهولة، استنادا إلى أن العلاج فى الخارج فيه سبع فوائد، آخرها العلاج، وربما نكتشف أن كثيرين من المسئولين والنواب حصلوا على قرارات علاج شكلا وفى الموضوع سياحة وشوبينج على أساس أن نفقة الدولة سبيل عام. وهى قرارات واضح أنها بملايين أو عشرات وربما مئات الملايين من أموال عامة، بينما لا يجد المواطن الفقير المريض بالسرطان أو الفشل الكلوى أو الكبد الوبائى قرارات بالعلاج ولو بألف جنيه، وربما يحتاج الجهاز المركزى لمراجعة قرارات لمرضى تم ركنها أو إهمالها.
ونعود إلى قرارات العلاج التى صدرت لإجراء عمليات تجميل أو نفخ أو شفط على نفقة الدولة، والتى ربما يكون الهدف منها خيرا، حيث يريد هؤلاء أن يظهروا فى مظهر رشيق من أجل إسعاد الجماهير "الزعلانة"، أو قد يكون من أهداف تبييض الأسنان أن تصدر التصريحات الرسمية بشكل متناغم يسهل على المواطن استقبالها، ولا يجب أن نظلم نائبا أو مسئولا تعب من أجل قرار لشفط أو نفخ على نفقة الدولة، على اعتبار أن الموضوع لايستحق كل هذا الغضب أو الدهشة.
وربما نكتشف أن بعض قرارات العلاج على نفقة الدولة صدرت لتجميل الحواجب، من أجل تسهيل عمليات "تلعيب الحواجب" بشكل يسهل التفاهم بين المواطن والحكومة، فالحكومة تحتاج إلى أن تلعب حواجبها للمواطن، وهو من جانبه يصفر لها فتسود روح الود والوئام بين الشعب والحكومة.
لكن ما لم نعرفه فى موضوع العلاج على نفقة الدولة، هم هؤلاء المستفيدون من قرارات "تلعيب الحواجب"، هل هم وزراء أم نواب أم أقارب مسئولين؟ لأنه لا يمكن أن يحصل مواطن عادى من السائرين فى الشوارع على قرار بنفخ شفايف.
وهناك أيضا سؤال يفترض أن نجد له إجابة: من الوزراء الذين عولجوا بقرارات؟ وما الحالات التى استدعت السفر مع احتمالية أن يكون العلاج متوافرا فى الداخل؟! مع العلم أن وزير الصحة نفسه يعالج هو وأسرته فى الخارج، وبالتالى لا يمكن أن نصدق أن هناك ثقة فى المنظومة. وهذا موضوع آخر.. أما الأهم فهو العلم بمن حصل على قرارات شفط ومن نفخ ومن بيض أسنانه، ومن لعب حواجبه للدولة وأموال الدولة والمواطن الذى بلا حواجب.