ليست قضية قتل عادية، إنها قضية بالمليارات، تتردد فيها الملايين وتطير كأنها عصافير، بورصة وحدها بعيدا عن بورصة الأوراق المالية. كل خطوة فيها بمليون، وكل درجة بعدة ملايين. وحتى الرجوع فيها يحتاج ملايين. بورصة للقتل والموت والدفاع والهجوم والورثة والأزواج والعشاق .. أما المتفرجون فهم أيضا بالملايين. ملايين الأوراق، والمحادثات، والمذكرات والدفوع والأكاذيب، وهناك إعلام محايد وآخر منحاز، إلى هنا أو هناك.
وأياً كانت النتائج التى ستسفر عنها محاكمة المتهمين فى قضية مقتل سوزان تميم، فقد حظيت بأوسع تغطية، لأنها قضية كلها إيحاءات. تجد فيها السياسى والاقتصادى. الأهم هو البعد الرقمى، ليس هناك رقم أقل من مليون فى القضية من بدايتها. وأحيانا تمتد الأمور لتصل إلى مليارات. تبدو وكأنها تخرج لسانها لكل من يتابعها أو ينظر إليها.
المتهم بالتحريض على قتل سوزان هو الملياردير هشام طلعت مصطفى، رئيس أكبر شركة مقاولات فى البلد، ورئيس لجنة بالبرلمان.
المتهم بالقتل السكرى كما ورد فى التحقيقات، وفى الحكم الأول أن المحرض دفع مليونى دولار للفاعل، أى أن التحريض كان بعشرة ملايين جنيه على الأقل، ولا شك أن العملية نفسها تكلفت عدة ملايين أخرى بين مراقبات وسفريات، ومحاولات لإخفاء أدلة، وتمويه. الملايين تذكر على سبيل التسلية.
لهذا ومنذ لحظة اكتشاف جريمة مقتل سوزان تميم، بدأت عملية تطاير الملايين. وإنفاقها، سالت عدة ملايين من أجل إبعاد الشبهة، لجهات وشركات علاقات عامة وإعلامية، ومنذ اليوم الأول للقبض على رجل الأعمال بدت مليارات الشركة التى يترأسها تهتز قليلا، والأسهم ترتفع وتنخفض بالمليارات.
كم تكلفت قضية سوزان تميم؟. عشرات الملايين، ومازالت. حياتها تكلفت عشرات من الملايين. هدايا وعشاق، دفعوا من أجل الزواج منها، وعشاق دفعوا من أجل طلاقها.. وملايين من أجل إخفائها من العالم.
وبعد مقتلها مازال المتهمون ينفقون عشرات الملايين من أجل البراءة، والمحامون يتراصون وكل منهم يقدم كل مالديه من حيل، من أجل الحصول على فك عقدة الحبل من حول أعناق المتهمين، ولكل هذا ثمن، كل كلمة وكل نفس وكل خبير حقيقى أو مزيف، له ثمن بالملايين.
بعد الحكم الأول طرح أحد محامى الفريق، دفع دية بعدة عشرات من الملايين لأولياء دم القتيلة، وبحثا عن مخرج، وبجانب الدفاع القانونى هناك دفاعات أخرى بالملايين، فى الإعلام أو العلاقات العامة، أو الخبراء، كل منهم فى مجاله، يقدم أى شيء بمقابل، وكل ورقة، أو حتى كل كذبة تساوى ملايين. والمتهمون كل منهم على استعداد لدفع كل مايملك مقابل قشة، حقيقية أو وهمية.
وحتى الورثة الذين ظهروا لم يكونوا فقط هم الورثة الشرعيين، هناك أزواج سابقين عرفا أو رسما كل منهم يدخل بحثا عن عدة ملايين من أموال القتيلة، مع أنها ملايين مغموسة بالدم، لكنها مطمع لكثيرين. ونظن أن الحزن على الراحلة يبدو أحيانا من أجل الملايين.
حياة سوزان كانت مصدرا لثراء أو فقر أو ذل، عدد كبير من مجاوريها أزواج وعشاق ورجال أعمال ومخلصون جمركيون، وقتلة .. وبعد موتها لاتزال تفتح بيوتا لمحامين، وخبراء ومغامرين وعابرى سبيل، وورثة وإعلام يتسلى ويسلى ويقلب ويعيد ويزيد فى الموضوع..
ومن حاصل جمع وطرح وقسمة، نرى امرأة واحدة تكلفت حياتها مئات الملايين، دفعها الغاوون بسهولة، وموتها بملايين. وإزالة آثار هذا الموت بمئات أخرى من الملايين. امرأة بمليار دولار. ولاتزال بعد موتها تتحكم فى الملايين، من يربح المليارات ومن يدفعها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة